03 نوفمبر 2025

تسجيل

تحديات وفرص للاقتصاد العماني

01 مارس 2015

وفرت لي زيارة مسقط الأسبوع الماضي فرصة للاطلاع على جانب من أداء الاقتصاد العماني بما في ذلك الإيجابيات والسلبيات. في المجموع، تتوافر إمكانات لتحويل بعض التحديات إلى فرص اقتصادية بالنظر للثروة البشرية المحلية التي تتمتع بها السلطنة في ظل عدم ممانعة المواطنين العمل في مختلف القطاعات التي توفر لهم سبل العيش الكريم. من جملة الإيجابيات هناك النمو المطرد للإنتاج النفطي، يتوقع أن يقترب الإنتاج النفطي من حاجز مليون برميل أو تحديدا 980 ألف برميل يوميا خلال عام 2015. وهذا يترجم إلى تسجيل نسبة نمو قدرها 4 بالمائة مقارنة مع 2013 (سوف يتم نشر الإحصاءات الفعلية لعام 2014 في شهر أبريل). يعود نمو الإنتاج النفطي المستمر لأسباب تشمل حصول تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال في العام 2005 على امتياز لرفع مستوى إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف يوميا. ولتحقيق هذا الغرض ألزم التحالف نفسه باستثمار ملياري دولار لتطوير عمليات الإنتاج النفطي في الحقل.وطالما الحديث عن القطاع النفطي، لا بأس الإشارة إلى خطط تطوير صناعة الغاز عبر إبرام اتفاقية للشراكة في الإنتاج والمبيعات مع شركة بريتيش بتروليوم وهي كبرى الشركات العالمية العاملة في القطاع النفطي. تمتد الاتفاقية والتي تم التوقيع نهاية 2013 لمدة 30 عاما وعليه تعتبر من الاتفاقيات الطويلة الأمد بشكل نوعي يتوقع خلالها أن تستثمر الشركة مبلغا ضخما وقدره 16 مليار دولار. في التفاصيل، سوف تحفر الشركة البريطانية 300 بئر في حقل خزان الواقع وسط سلطنة عمان المترامية الأطراف بغية استخراج مليار قدم متر مكعب من الغاز في المكامن الضيقة. صحيح لا يمكن الحديث عن حصول اختراقات في الوقت الحاضر لكن الأمل كبير بتحقيق إنجازات بالنظر لقدرات الشركة البريطانية ومعرفتها بالسلطنة حيث العلاقة التاريخية بين بريطانيا وعمان. مما لاشك فيه، يعد القطاع النفطي بما في ذلك الغاز جوهريا كونه يساهم بنحو 79 بالمائة من إيرادات الموازنة العامة وذلك حسب أحدث الإحصاءات المتوافرة. بكل تأكيد، تثير هذه الإحصائية تساؤلات حول مدى نجاح جهود تحقيق التنويع الاقتصادي. من بين أمور أخرى، أكد انخفاض أسعار النفط على مدى الأشهر القليلة الماضية على ضرورة مضاعفة الجهود للحد من الاعتماد على النفط نظرا لتقلبات الأوضاع في أسواق النفط بين الحين والآخر.يشار إلى أن السلطات افترضت متوسط سعر قدره 75 دولارا للبرميل للسنة المالية 2015. يعد الرقم أقل من 85 دولارا للبرميل والذي تم افتراضه لموازنة 2014، لكنه مع ذلك غير واقعي بالنسبة للظروف السائدة في الأسواق الدولية. نقطة التعادل لتحاشي حدوث عجز مالي عبارة عن 102 دولار للبرميل أي أكثر بكثير من الأسواق السائدة في أسواق النفط في الوقت الحاضر الأمر الذي يصعب تحقيقه خلال عام 2015.لأسباب وجيهة، يبدو أن السلطات عازمة على مواصلة تنفيذ مشاريع البنية التحتية الأساسية رغم انخفاض أسعار النفط وبالتالي دخل الخزانة العامة. يتضمن البرنامج التنموي خطط توسعة بعض المرافق الحيوية مثل المطارات والموانئ. فمن شأن الانتهاء من تطوير المطار مساعدة الطيران العماني في المنافسة التجارية مع كبريات الشركات الإقليمية مثل الإمارات والقطرية والاتحاد والتي فرضت نفسها كناقلات عالمية، تسير الشركات الثلاث مختلف الوجهات الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا واليابان. من شأن تعزيز الإمكانات المتوافرة في الموانئ تعزيز ترتيب عمان في المؤشرات الدولية ذات العلاقة مثل كفاءة القدرات اللوجستية. فقد نالت عمان المرتبة 59 بين 160 اقتصادا في العالم. بدورها، حققت الإمارات المرتبة 27 دوليا أي الأفضل بين دول مجلس التعاون.وفيما يخص التحديات أو الأمور السلبية، أقدمت مؤسسة ستاندردز أند بورز بتخفيض التقييم الائتماني السيادي لسلطنة عمان من (أي-1 إلى أي-2) لكن مع الاحتفاظ بنظرة مستقبلية مستقرة. حدث هذا التطور غير المرحب به كأحد تداعيات تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية. بيد أنه لم تكن السلطنة الوحيدة في المنظومة الخليجية التي تضررت من توجهات ستاندردز أند بورز، حيث تم تخفيض المستوى الائتماني للبحرين من جهة وتغيير النظرة المستقبلية للسعودية من إيجابي إلى سلبي.وبالنسبة للمؤشرات الدولية، خسرت عمان 8 مراتب ما يعد أكبر انخفاض لأي اقتصاد خليجي على مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2015 الصادر من قبل مؤسسة هيرتيج وصحيفة وول ستريت جورنال. في تقرير 2015. وعليه، حلت السلطنة في المرتبة 56 دوليا أي المرتبة الرابعة خليجيا بعد البحرين والإمارات وقطر. يعتمد مؤشر الحرية الاقتصادية على عدد متنوع وكبير من المتغيرات المتعلقة بالحرية الاقتصادية وهذا أمر إيجابي. المتغيرات عبارة عن 1) الحرية في تأسيس الأعمال. 2) حرية ممارسة التجارة الدولية. 3) السياسة النقدية مثل مستوى الضرائب والاقتراض الحكومي. 4) السياسة المالية مثل السيولة ومعدلات الفائدة. 5) مدى تدخل الحكومة في الاقتصاد. 6) الاستثمارات الأجنبية.7) النظام المصرفي والتمويل. 8) حقوق الملكية. 9) الفساد المالي والإداري. 10) الحرية في توظيف وتسريح العمال. على صعيد آخر، من بين دول مجلس التعاون، تعاني عمان من معضلة البطالة. فحسب دراسة البطالة في العالم العربي في شهر أكتوبر 2014 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره سويسرا، تبلغ نسبة البطالة في أوساط المواطنين في عمان نحو 8 بالمائة أي أكثر من البحرين والسعودية واللتين تعانيان بدورهما من مشكلة البطالة في أوساط الشباب، كما تبلغ نسبة البطالة في أوساط الشباب العماني إلى 20 بالمائة.مهما يكن من أمر، بمقدور الاقتصاد العماني تحقيق نتائج متميزة لكن بشرط الاستفادة القصوى من الفرص المتوافرة بما في ذلك عامل الجغرافيا والطبيعة الخلابة ومستوى تعلم وتدريب الشباب العماني.