13 سبتمبر 2025
تسجيلمن الصعب جداً أن تعكس للآخرين ما تراه كما تراه تماماً؛ لأن الأمر يتطلب دقة شديدة برسم كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، وقدرة عالية على بث الألوان المناسبة في تلك التفاصيل لتظهر أمامهم بالصورة التي ظهرت بها أمامك، فما يصل إليك حين تنظر لترى ما تود رؤيته، قد لا يصل إليهم ليتمكن منهم كما تمكن منك فيما سبق، ولكن لا ضير من المحاولة التي ستنجب جديداً مفيداً، فهو الجديد والمفيد ما نسعى إليه دوماً هنا في هذه المساحة، لذا فإنه وبلاشك ما سيكون منا، خاصة أن الأمر يتعلق بالوعد الذي كان مني حين بَلَغتُكم في لقاء سابق جمع بيني وبينكم عن رغبتي بتغيير مسار مقالاتي نحو الكتابة عن الشخصيات التي ستظهر لي في هذه الحياة، بطريقة موجزة لن تختصر كل حياتهم فنظلمهم بذلك، بل ستمتص لكم الفائدة المرجوة من الحديث عنها تلك الشخصية المُختارة بطريقة رغبت لأن تكون عشوائية، لا تخضع لمقاييس معينة بتاتاً، حتى لا تجبر الحديث على التقيد بلون دون غيره؛ لينتهي الأمر بصورة مكررة وفي كل مرة. كنت قد لَمَحت وفي المرة السابقة بأن حديث اليوم سيكون من نصيب شخصية فرضت عليّ ظروف العمل التعرف إليها، ولا يعني ذلك أني ما كنت لأفعل، ولكن أحياناً نجدها الظروف وقد فرضت علينا شخصيات لربما ما كنا لنعرفها لنتعرف بها وإليها إن لم تكن تلك الظروف. شخصية اليوم اسمها (سارة)، ولقد وقفت ولدقائق حين همست حروفي باسمها على السطور؛ لأفكر جدياً في السبب الذي دفعني للكتابة عنها اليوم، فوجدت أنها تستحق ذلك؛ لأنها تمثل شريحة من شرائح المجتمع سندعوها بـ (القليل الكثير، والكثير القليل)، وهو الاسم الذي لم يُطلق من فراغ، بل من الواقع الذي وقع عليها تلك الشريحة، التي ستمثلهم (سارة). (سارة) من القلة التي تعطي الكثير من أجل البقية، فتجدها تعمل وبجد لتنجز كل الأعمال التي تنحدر تحت قائمة مسؤولياتها، وتحت قائمة مسؤوليات غيرها ممن يفتقدون إلى المسؤولية العالية كتلك التي تملكها، الأمر الذي خلق فيها نوعاً من الاستعداد الدائم لمواجهة كل الظروف أياً كان نوعها، (الاستعداد) الذي يأخذ منها، ومن راحتها كل الوقت (كل الوقت)، ففي العمل هي تعمل من أجل صالح العمل، وفي طريقها إلى البيت هي تعمل، وفي البيت هي تعمل، وفي الطريق من البيت إلى العمل هي تعمل، حتى في سفرها بعيداً عن مقر العمل ولغير العمل هي تعمل أيضاً، وكل ذلك بسببه إحساسها العالي بالمسؤولية الحقيقية، ذاك (الإحساس) الذي يغيب عنا أحياناً حين نحتاج لأن نرتاح قليلاً، ونحظى بوقت يكون لنا فقط دون أن يشاركنا فيه غيرنا، الوقت الذي يكاد ينعدم من قاموس (سارة) وهو الذي نعرفه بـ (ME TIME)، وهو أيضاً ما يأخذ كل واحد منا بعيداً عن زحام العمل، وصخب الالتزامات اليومية، كي نفر بما تبقى (منا) (لنا)؛ لننعشه ونجدده ومن ثم نعود من جديد لما كنا عليه. لقد فكرت ملياً بـ (سارة) وبعشقها للعمل، وبحثت في نفسي عن سر ذلك، فوصلت إلى أنه ولربما يكون منها تلبية لـ (رغبة الإصلاح بتغيير الأوضاع) للأحسن، ليكون ما يجبرها على العمل دوماً، والعمل في عرف كل حكيم هو ذاته (العطاء)، مما يعني أنها تعطي كل الوقت، ولكن (سارة) ومن تمثلهم تعطي ليخرج عطاؤها للآخرين دون أن تعطي روحها ما تستحقه بشكل يليق بها، (نعم) هي جميلة لحظات العطاء، ولكن الأجمل منها هو أن يكون لنا من ذاك العطاء ما يشملنا أيضاً. حين أفكر في (سارة) أجد أنني تعلمت منها الكثير، كالعمل والجد فيه ذاك العمل لبلوغ قمة النجاح، وهو ذاك الذي حققته وهي في غرة شبابها وبفضل من الله، ولا يقف ما تعلمته منها عند هذا الحد فحسب بل إن هناك ما يسرني ذكره ويطيب لي، ولكن وكي نحترم هذه المساحة المتاحة بعدم تجاوزها، فإن (متابعة ما تبقى من الحديث) ستكون حين نلقاكم من جديد إن شاء الله. وفق الله الجميع. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]