27 أكتوبر 2025
تسجيلالشريعة الإسلامية أكدت على الحق في إعداد القوة المستطاعة لإرهاب العدو ومنعه من العدوان لقد تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً خبر شراء دولة قطر صفقة سلاح روسي "اس 400"، وعبرت بعض صحف دول الحصار بأن اقتناء دولة قطر للأسلحة بشكل مستمر يهدد أمن المنطقة واستقرارها، فهل على الدولة أية قيود قانونية بشأن تزويد جهازها العسكري بالأسلحة؟ إن من المبادئ المقررة في القانون الدولي مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول، وقد أكدت الأمم المتحدة في ميثاقها على هذا المبدأ (المادة الثانية – البند الأول)، وذلك بتقريرها تعمل الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها وفق عدد من المبادئ، في مقدمتها مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول، ومفاد هذا المبدأ أن الدول جميعاً متساوية في الحقوق والواجبات أمام القانون، بغض النظر عن حجم الدول أو عدد سكانها أو قوتها ومكانتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، وأن سيادة الدولة تعني استقلالية الدولة في ممارسة كافة شؤونها الداخلية والخارجية والتعبير عن إرادتها الذاتية والخضوع المباشر لأحكام القانون الدولي ومن معطيات ومظاهر السيادة امتلاك الدولة لكل مقومات القوة لحماية أمنها واستقلالها وبقائها ومواجهة كل محاولات المساس باستقلالها وسيادتها في الحدود التي لا يحظرها القانون الدولي، والتي تتمثل أساسا في عدم التهديد باستخدام القوة أو استخدامها في العلاقات الدولية إنفاذاً لما تقرره المادة الثانية في بندها الرابع من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك عدم استخدام بعض أنواع الأسلحة المحرمة دوليا كقاعدة عامة، واحترام القانون الدولي الإنساني. ومن الحقوق السيادية الطبيعية والقانونية الأساسية المقررة في مختلف النظم القانونية، بما فيها النظام القانوني الدولي، حق الدفاع الشرعي عن النفس، وهو المبدأ الذي أكدت عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بتقريرها أن لكافة الدول الحق الطبيعي في الدفاع عن نفسها (بمفردها، أو بطريقة جماعية، أي متحالفة مع دولة أو دول أخرى) إذا وقعت ضحية عدوان مسلح فعلي، ويمارس حق الدفاع الشرعي وفق الضوابط المستقر عليها، والتي تضمنتها المادة 51 المشار إليها، والمتمثلة أساسا في أن يحاط مجلس الأمن علما بأعمال الدفاع وأن تتوقف هذه الأعمال فور تدخل مجلس الأمن بالتدابير اللازمة ووقف العدوان. وحتى تمارس الدولة حقها في الدفاع الشرعي من المفترض طبيعيا وقانونيا امتلاكها لكل مقومات القوة اللازمة والكافية للدفاع الشرعي، أي لرد العدوان الأجنبي، ولذلك لم ينكر أحد، لا فقها ولا عملا، حق الدولة في أن تزود قوتها العسكرية بكل أنواع الأسلحة، عن طريق الإنتاج أو الشراء من الدول المنتجة، وتطويرها بالقدر الذي يمكنها من مواجهة القوة العسكرية للمعتدي، ويتم كل ذلك في حدود ما هو مشروع وفق الاتفاقات الدولية، واستبعاد أسلحة الدمار الشامل، ذلك مع ملاحظة أن محكمة العدل الدولية في فتواها حول استخدام السلاح النووي عام 1996 لم تقرر برأي نهائي عدم مشروعية استخدام السلاح النووي لرد عدوان نووي، أو متى كان ذلك ضروريا لازما للحفاظ على حياة الدولة وبقائها، وأكدت على ضرورة مراعاة المعايير والضوابط المقررة في القانون الدولي الإنساني. وإذا كان هذا هو منطق القوانين الوضعية فإن الشريعة الإسلامية قد أكدت على الحق في إعداد القوة المستطاعة لإرهاب العدو أي لردع العدو ومنعه من العدوان. وعلى هذا فإن قيام الدولة بشراء أو بإنتاج أسلحة والدخول في تحالفات دفاعية جماعية (مثل حلف الأطلنطي واتفاقية التعاون الاقتصادي والدفاع العربي المشترك) وثنائية، لتتوافر لديها قدرة رد أي عدوان ومواجهة أي تهديد خارجي باستخدام القوة العسكرية ضدها، هو من الأمور المشروعة طالما أن ذلك قد تم في الحدود القانونية الدولية المقررة، ولم يؤد صراحة إلى تهديد دول أخرى، وذلك كله استنادا إلى حقها السيادي في تأمين حدودها وإقليمها وسلامة شعبها واستقراره، ولا يدحض في ذلك ما قد تراه دولة أو دول أخرى خصم أو غير خصم في تسلح دولة ما تهديدا لها، إذ ليس من حقها الاعتراض، باعتبار ذلك يعد تدخلا في الشأن الداخلي للدولة المعنية طالما لم يصدر عن هذه الدولة أية مظاهر للتهديد باستخدام القوة ضد الدولة المعترضة.