29 أكتوبر 2025

تسجيل

الكلمة الصامتة

01 فبراير 2012

الكلام كله منطوق، غير أن البشاشة واللين مع التودد للإخوان يعتبر كلاما تظهر معانيه بل ومبانيه في تلك الابتسامة أو الكلمة الصامتة التي ترتسم على وجه المرء وإن كان بعيدا عن محيط الرؤيا، فليست حواجز تستطيع أن تحجز هذه المشاعر إذا أراد صاحبها إيصالها، فإذا ارتسمت جسدت كل معاني الإخاء والمودة. وهذا من حق المسلم على أخيه إذا قابله، أن يقابله: بوجه طلق، وثغر باسم. أن يهش ويبش في وجهه كلما لاقاه أو رآه. هذا أدب فطري وفوق ذلك مأجور عليه المرء، فعن أبي ذر — رضي الله عنه — قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق " وصاحب المعروف مأجور على ما يفعل كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جابر — رضي الله عنه —:" كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلق أخاك بوجه طلق...". ويؤكد النبي على هذا المعنى قائلاً: " إفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فى إناء أخيك صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وتَبَسُّمُك فى وجه أخيك صَدَقَةٌ". وهذا بدوره يستولد اللين والرفق والتودد وحسن العشرة والرفق بين الناس، والله يحبه ويعطي عليه ما لا يعطي على غيره، كما روي عنه صلى الله عليه انه قال: " إن الله يحب الرفق في الأمر كله ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لايعطي على ما سواه ". وأولى بالجماعة المسلمة والأمة الموحدة أن يكون هذا ديدن التعامل بينهم، فهو أحرى وأولى أن يرفق بعضهم ببعض، وأن يلين بعضهم لبعض. روى ابن مسعود — رضي الله عنه — قال: قال صلى الله عليه وسلم:" حُرم على النار كل هينٍ لينٍ سهلٍ قريبٍ من الناس". والله تعالى قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيما أوصاه به من الرفق بالرعية: "ولو كنت فظاً غليظ لانفضوا من حولك". وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير كله، ومن حرم حظه من الرفق حرم حظه من الخير كله. إنه أمر — وإن كان في ظاهره بسيط — إلا أن تأثيره في النفس جد عميق، ابتسامة صغيرة ضعها على وجهك وأنت تخاطب غيرك، ستجد تغيرا في الحديث له أثره في نفسك، فلن تستطيع أن تسع الناس بمالك فليسعهم منك وجه طلق وخلق حسن وبشر وبشاشة.