23 سبتمبر 2025
تسجيلكنا نعتقد بأن لقاء الأشقاء في خليجي 23 في دولة الكويت الشقيقة سيصلح ما أفسدته السياسة العرجاء طيلة سبعة شهور من حصار جائر على دولة قطر سقطت معه كل المفاهيم الأخلاقية والسلوكية والإعلامية ، وكنا نأمل بأن نقل الكأس من قطر إلى دولة الكويت تقديرا للكويت وحرصا من قطر على اكتمال العقد الخليجي في الكويت وفي فترة وجيزة واستعداد قصير سيكون بمثابة البلسم لتضميد الجروح التي خلفتها الخلافات السياسية التي أصدرت معها دول الحصار قوانينها الجائرة بعقاب المتعاطفين مع الشعب القطري، وكنا نعتقد أن شعار خليجنا واحد الذي يعّزز اللحمة الخليجية ونردده يتجاوز الكلام إلى الفعل، ومعه ستُنسى الخلافات وتتصافح الأيادي الخليجية وينصهر ما مضى في قالب اللقاء الرياضي الأخوي ، فأرض الكويت التي تحتضن الدورة الخليجية 23 تحت شعار حمامة السلام اليوم ، هي التي احتضنت قمة مجلس التعاونا لخليجي في دورته 38 بالأمس،وهي التي فتحت أجواءها ومطارها ليلتقي الفرقاء من دول الحصار بأهليهم من دولة قطر، وهي من بذل أميرها حفظه الله جهدا غير مسبوق لإصلاح التصدع الخليجي ، ولملمة اللحمة الخليجية، ومحاولة إزالة مايعكر صفوها بالحكمة والحوار، كل ذلك لابد أن يوضع في منظور التقدير والاحترام ، ويغلب صوت العقل كل الإرهاصات السياسية والإعلامية وتجاوز مهاتراتها، التي جعلت شعوب الخليج على صفيح ساخن من القلق والحذر والخوف بعد حصار قطر، فالرياضة لها سياستها وأهدافها ومفاهيمها ، كما هي تهذيب للنفس وتسامح وتواصل بين الشعوب ، يجمعها ملعب واحد وزمن واحد ومكان واحد لاحدود تغلق ولا قوانين تمنع ، تركل الكرة من رجل الكويتي إلى العراقي ومن القطري إلى البحريني ومن الإماراتي إلى اليمني ، من يستطيع أن يمنعها !! ويتقابل الأخوة الخليجيون جميعهم بالمصافحة والحديث في الملعب والطرقات والأسواق على أرض واحدة بإحساس أخوي واحد ولغة واحدة من يستطيع أن يمنعهم ، فقوانين الكرة يتحكم بها حكامها ، وليس حكام السياسة، ومفاهيم الرياضة تتجسد عند لقاء اللاعب مع شقيقه دون أن تفرض عليه من أنظمته السياسية، فالمشهد للاعب القطري وهو يساعد اللاعب البحريني عند وقوعه في أرض الملعب في المباراة بين قطر والبحرين هي من أخلاقيات الرياضة التي خلالها تذوب معها كل الفوارق والنزاعات والتعصب ويبرز الجانب الإنساني الآخر من المودة والتواصل. … فالمشهد الاحتفالي المبهر والناجح الذي افتتح به خليجي 23 يعد تعبيرا صادقا عن معنى التلاحم والتآزر الخليجي، عبرت عنه الكلمات التي شذى بها فنانو الكويت الشقيقة ، بأوبريت غنائي بعنوان "خليجنا إلى الأبد" 9 أغان متنوعة رحبت بها الكويت بالأشقاء الخليجيين لتعيد تثبيت اللحمة الخليجية إلى سابقها ؛ وهذا ما نعهده من الكويت بأميرها في تدعيم مفاهيم المحبة والأخوة والتواصل، تلك المفاهيم التي فقدت طريقها عند البعض من الساسة والإعلاميين من دول الحصار قبل انطلاق مؤشر البدء بافتتاحية خليجي 23 لتنحرف بسلوكها وأخلاقها نحو الطريق الآخر الشائك التي سلكته دولها بقراراتها السياسية المجحفة ضد قطر ، دون تقييم واحترام للبلد المضيف ، ولذاتهم التي خلقها الله في أحسن تقويم ومَيَّزَها بالعقل والفكر ، فانسحاب وفدي منتخب السعودية والإمارات من المؤتمرين الصحفيين وبشكل مفاجئ لوجود قنوات "الكأس الرياضية " " وبي إن سبورت" ليس من الأخلاقيات الرياضية ، جعلت الإعلامي الكويتي " فيصل القناعي " يقول في حديثه لقنوات الكأس : إنه من المفترض أن تعتذر المنتخبات المنسحبة بعدم المشاركة في البطولة بدلا من الانسحاب من المؤتمرات الصحفية ، يدل على الاستياء من التصرفات اللا أخلاقية التي تتحكم في تصرفات أبناء الحصار ، وهذا تركي الشيخ رئيس هيئة الرياضة السعودية ضرب مثلا في الانحلال اللا أخلاقي تجاوز معها القيم والمُثل عندما ذكر أن مستوى قطر لايتعدى مركزا صحيا في الرياض ، وهذا حدث في افتتاح بطولة عالمية في الشطرنج دون احترام ، وذاك الذي رصد مبالغ مالية تقدر عشرة آلاف كمكافآت لمنتخب الفريق البحريني لكل لاعب عند فوزه على قطر ، وغيرها من الإسقاطات اللا أخلاقية التي سيطرت على العقلية العقيمة التي تتحكم في تصرفات وألفاظ وسلوكيات من اتخذوا سياسة أنظمتهم منهجا للتعامل بها مع دولة قطر وفِي حدث رياضي ، لتختلط الرياضة بالسياسة وتتلوث بسمومها ، ومهما زمجر المنافقون وارتفع عويلهم وطبّلوا وصفقوا لسياسة أنظمتهم الهوجاء إلا أن الدورة الرياضية الخليجية 23 نجحت بكل المقاييس غير المتوقعة في دولة تنشد السلام والمحبة ، وفِي تلك الظروف الصعبة التي حاولت دول الحصار وضع دولة قطر في شرنقة الإرهاب والعزل حتى في المحافل الرياضية كما هي السياسة ، وتحويل الرياضة إلى ورقة في أيدي من يعبث بها وتوظيفها لمصالحهم السياسية لتقدم للعالم الصورة السيئة في كيفية تعامل الشقيق مع الشقيق وتتجاوز قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ". هي مباراة كروية ومنافسة بين فرق رياضية تمثل بلدها وسياسة بلدها في التعامل مع الفريق الآخر من مكون خليجي واحد، ففيها الفوز وفيها الخسارة ولكن تبقى الروح الأخلاقية الرياضية هي الفيصل للخسارة والفوز، ولاننسى قول الشاعر ونحن في معترك ما يحدث : إذا أتتك مذمتي من ناقص .. فهي الشهادة لي بأني كامل. …. شكرًا لأرض الكويت التي احتضنت هذا الجمع الرياضي بكل حب ومودة وكرم ، شكرًا لأميرها الشيخ صباح الأحمد أبو الإنسانية على سعة صدره وبشاشة محياه وجهوده في المصالحة ، شكرًا للمنتخب القطري الذي حمل شعار الأخلاق قبل الفوز ، شكرًا " لقناة الكأس" التي أثلجت القلوب بحواراتها الراقية الأخلاقية وبرامجها الممتعة من وسط الحدث الرياضي ، ونتمنى أن يكون هذا العام 2018 عام خير للأمة الإسلامية والعربية ولوطننا الحبيب.