12 سبتمبر 2025

تسجيل

فن صناعة الكراهية..!

31 ديسمبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما هي الشعرة الفاصلة بين حرية الخطاب الإعلامي بأنواعه وأشكاله المختلفة، وبين خطاب الكراهية ورفض الآخر، الذي قد يصل في أعلى مستوياته إلى التحريض والتشهير والتسقيط وصولا للإقصاء؟!ما هي الحدود التي بالإمكان الوقوف عندها، حتى لا يقال: إن هذا الخطاب الإعلامي أو ذاك، لا يتسم بالشرف؟!هل هي مواثيق تتلى أم ضمائر تحكم؟!لعل الخطاب الإعلامي العربي ما قبل 2011، شهِد حوادث متفرقة، كنا نختبر فيها هشاشة مواثيقنا الإعلامية البالية، ليس داخل البلد الواحد فحسب، بل حتى بين دولنا العربية والإسلامية!. ما بعد أحداث (الثورات) العربية المعاصرة، وما شهدته المنطقة من موجة ارتدادية قوية قادتها الدولة العميقة، أثبتت أن فن صناعة الكراهية في الخطاب الإعلامي، كان يمثل العمق الاستراتيجي للثورات المضادة.وإذا كان "جورج أورويل" يقول: "في وقت الخداع العالمي يصبح قول الحقيقة عملا ثوريا"، فإن بث خطاب الكراهية في زمن الخداع العالمي، وعبر وسائل الإعلام في عالمنا العربي والإسلامي، بات فنا وصنعة تدرّ على أصحابها المناصب والمكاسب!.الإعلام لم يعد له دور في بث ذلك النوع من الخطاب الرديء فقط، وإنما بات أداة لتبرير وشرعنة العنف والكراهية وتحطيم الآخر.كنا نتابع ممارسات توظيف الإعلام لتجميل (السلطة - النظام) – أيا كانوا- لكننا اليوم بتنا نشاهد كيف يوظف الإعلام لِسَحل المخالف على شاشات الفضائيات والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، وصولا لشيطنته ومن ثم التخلص منه؟!من الواضح جدا، أن دورة خطاب الكراهية تمر بثلاث مراحل.. تبدأ بقرار سياسي، يسوقه ويستربح منه الإعلامي المأجور، ومن ثم تعود للسياسي مرة أخرى، ليتخذ قراره كنتيجة ضد (الشيطان) الذي صنعه الإعلام؟!أقولها متأسفا، بات السياسي يستخدم وسائل الإعلام لتحقيق غاياته وللانتقام من خصومه، كما يستخدم الجنود السلاح ضد المدنيين العزل!. ما نتحدث عنه، هو صنعة أمريكية باحتراف، بدأها الرئيس الأمريكي "وودرو ويلسون" إبان حملته الانتخابية في العام 1916. في ذلك العام، خاض ويلسون حملته الانتخابية تحت شعار "سلام دون نصر"، لكنه اصطدم بواقع أن الشعب الأمريكي كان مسالما، يرفض الحروب بعنف!.على أثر ذلك، ما كان من ويلسون إلا أن شكل لجنة أسماها Creel commission (لجنة كريل)، كانت مهمتها إقناع الشعب الأمريكي بالحرب.نجحت اللجنة خلال ستة أشهر فقط، من نقل الشعب الأمريكي المسالم إلى شعب تتملكه هستيريا الحرب والتعطش للانتقام، بل والرغبة في تدمير كل ما هو ألماني وخوض الحرب وإنقاذ العالم. بالتأكيد لا تسأل هنا عن الإعلام، ولكن اسأل عن السلطة السياسية وأذرعها المالية التي تتلاعب به؟!وبما أن دولنا من هواة تتبّع سنن أولئك، شبرا بشبر وذراعا بذراع، فلقد نجحت جميع الأنظمة في منطقتنا بلا استثناء، من استنساخ (لجنة كريل)، ولكن بقدر الحاجة وبحسب الظروف.من يتابع الحروب الإعلامية والسياسية الباردة بين دول المنطقة، يكتشف بسهولة أن هناك أموالا هائلة تضخ لقنوات وصحف وإعلاميين وغيرهم، نجحت في صنع جيش من حماة منظومة الدول العميقة.وأعني بالدول العميقة فيما سبق، منظومات الفساد المتناثرة هنا وهناك، والتي ترفض الإصلاح، وتجد بقاءها في استمرار فساد حارس البوابة (الإعلام)، الذي بات يقتات على نشر الكراهية والتحريض بين الجميع؟!برودكاست: لا يمكن القضاء على مرتزقة خطاب الكراهية في مجتمعاتنا، إلا إذا حطمنا أصنام الدولة العميقة داخل نفوسنا، ومن ثم اتجهنا لتحطيمها على أرض الواقع متحدين.حينها لن يجد أمثال أولئك "الرويبضة"، من نفوس وعقول فارغة تنتظر بضاعتهم الكاسدة.ملاحظة: في أحيان كثيرة تجد أباطرة الفساد السياسي والإعلامي، هم الذين يحومون حول السلطة السياسية من مستشارين وبطانة، وليس السلطة السياسية نفسها.