الرواية جسر بين الثقافات

تلعب الرواية دوراً أساسياً في المشهد الثقافي، كونها واحدة من أهم وسائل التعبير الأدبي التي تساهم في تشكيل وتطوير الثقافة، حيث تتيح الرواية للكاتب التعبير عن الأفكار والمشاعر والتجارب الإنسانية بطريقة فريدة وعميقة، تعرض الرواية قضايا مهمة في المجتمع مثل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والتنوع الثقافي، وتصوغ قصصاً وشخصيات تلقي الضوء على التحديات والمشكلات التي يواجهها البشر، بالتالي فإن الرواية تعمل على تعزيز التفاعل الثقافي وتحقيق التغيير الإيجابي، إنها تعكس تجارب البشر وتسلط الضوء على القضايا المهمة في المجتمع، لذا يجب أن نقدر ونحترم قوة وأهمية الرواية في تطوير وإثراء الثقافة. ومن هذا المنطلق شاركت يوم السبت الماضي في فعالية الرواية العربية جسر بين الثقافات التي نظمتها اليونسكو في مكتبة قطر الوطنية وبالتعاون مع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، وذلك تماشياً مع إعلان اليونسكو في 2021 عن أسبوع الرواية، والذي يهدف إلى رفع الوعي بمساهمة الرواية في تعزيز التعددية الثقافية والتفاهم المتبادل بصفتها تعبيراً ثقافياً، ووسيلة لزيادة الوعي الثقافي لدى القارئ الذي يسافر عن طريق الرواية إلى أماكن كثيرة وعوالم مختلفة ويطلع على ثقافات متباينة، كما تعمل الرواية على تعزيز التفاهم الثقافي، فمن خلال قراءة قصص من خلفيات وتجارب مختلفة، يمكن للأفراد أن يفهموا ويتعاطفوا مع الآخرين ويبنوا جسور تواصل بل ويتجاوزوا الحواجز الثقافية. للرواية دور كبير في الدفاع عن القيم الإنسانية المشتركة، وفي ذلك أكد الدكتور لطيف زيتوني في كتاب «الرِّواية والقيم» أن دور الرِواية هو الدفاع عن القيم الإنسانية الإيجابية، والتي تتمثل بالقيم المشتركة بين الديانات والحضارات والشعوب والتي لم يغيرها توالي الأعوام. فالرِواية تعتبر خطاباً خاصاً عن الحياة البشرية بقيمها وثقافاتها المشتركة بين شعوب العالم، فالذين يربطون الرواية بالحياة، يُعرفون الرواية بأنها خطاب خاص عن الحياة البشرية، ويعرفون الحياة بأنها رواية، ليبقى هذا الفن الأدبي الراقي يساند كاتب الرواية من نقل حصيلة رحلته وخبرته وثقافته وتجاربه في الحياة إلى سطور كتاب تتناقله الأجيال وتقف عند عتباته الشعوب. صوت: غسان كنفاني جَعل من القضية الفلسطينية قضية إنسانيَّة تُحاكي كل الثقافات وجميع الشعوب، وهذا ما نراه اليوم، فهو قد كتب عن فلسطين كقضية قائمة بحد ذاتها، ثم تبين له أنه يرى فلسطين رمزاً إنسانياً متكاملاً.