10 سبتمبر 2025
تسجيلغادر فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال عون قصر بعبدا، متوجهاً إلى منزله الهادئ وسط الطبيعة في لبنان، الذي يشعّ بالأضواء الكهربائية، والمُحاط بأشجار عالية، وعصافير تُغرّد أمام مقرّ إقامته، تاركاً همّ الشعب في "جهنّم" التي كان قد أعلن عنهما سابقًا خلال عهده. وكعادة الشعب اللبناني تنقسم الآراء بين مؤيدين لفخامته نصبوا خيمًا لوداعه واستمعوا إلى كلماته الوداعية مع البكاء لانتهاء هذا العهد، وبين من تجمّعوا في المقلب الآخر و"كسروا الجرّة" في تقليدٍ شعبيّ للاحتفاء بمغادرة شخص غير مرغوب به. اللبنانيون متفائلون بعهد جديد، وتنطلق رحلة البحث بين الإخوة الموارنة عن رئيس تتوافق عليه الدول العربية والإقليمية وأعضاء مجلس الأمن الدولي من أمريكا وفرنسا شرط ألاّ نُغضب روسيا. وينبع هذا التفاؤل من عوامل متعددة، وأهمها "الهيبة" فاللبنانيون تعنيهم "الكايزرما" وهذه صفة مطلوبة بالرئيس الجديد وإن كان ذا "كرش" أو "يلدغ بالراء"، الأهم أن يكون عسكريًا متقاعدًا أو إقطاعيًا متوارثًا، وذلك للحفاظ على "هيبة الدولة"، وأن يكون أيضًا قادراً على تحمّل مشقة "المريسة" في لبنان، ويستطيع ردّ هيبة كرسيّ الرئاسة التي ضاعت بين خطابات الحليف الأصفر وممارسات الصهر البرتقالي، وتوزيع الأوسمة على الداعمين للعهد رغم سواده، وأن يكون أيضًا شخصية مُحنّكة في التمثيل، بإمكانه أداء دور المُقاوم الشجاع الذي لا يفرّط بأرض وبحر وهواء، وفي الوقت نفسه يمتلك قلمًا يُرسّم فيه الحدود مع العدّو الإسرائيلي الشرير بخطّ عريض. وفي انتظر الرئيس الموعود، يزداد تفاؤل اللبنانيين بـ "الأمل" الذي سيُحرّك عجلة التعطيل بأمر من رئاسة المجلس النيابيّ التي لم تكن "تهضم" ممارسات الصهر البرتقالي، فالخلاف على الحصص كان عميقًا وعلنيًا وصل إلى درجة تصريحات رسمية مفادها "كان بدنا نشتغل ما خلّونا". ولكنّ الشغل سينتعش بوجود "مريسة جديدة" ستُنصبّ في مرحلة مهمة لاستكمال صفقات التنقيب عن الغاز، وإياكم أن تعتقدوا أن هذا التفاؤل مردّه إلى ثقة الشعب بمن سيُنقب، ومن سيُوقع، ومن سيستثمر الغاز في مشاريع بُنيوية أو صناعات أو خدمات أو سياحة، داخل لبنان؛ بل هو تفاؤل بأن المُرابين الدوليين سيعودون إلى لبنان، وأن الحكومة الجديدة ستقترض الأموال لكي يتمكّن عمالقة النفط من إنهاء المعاملات الحكومية التي تتطلب تواجد الموظفين الحكوميين في مقر أعمالهم، وصرف رواتبهم بعد انتظار طويل، وأموال ستُضخّ في شركات خاصة مملوكة لفلان وعلان لتسيير المهام النفطية. كسرنا "جرّة الرئيس" ولكن في الجوهر، لن يتغير شيء في هذه المنظومة. شكلياً سنحصل على رئيس يُحبّ السفر إلى الدول العربية والمشاركة في حضور القمم والمؤتمرات -ونسأل الله السلامة له وألاّ يقع أرضًا لحظة التقاط الصور الجماعية-، ومن المُرجح أيضًا أن يكون رئيسًا قادرًا على توزيع الابتسامات والتصريحات التلفزيونية دون أن تباغته الغفوة، وأن يكون مُتمكّنا من الخطاب فينا لبثّ روح المقاومة في عروقنا، وأن يدعو الشباب المهاجر للعودة إلى وطن فيروز ووديع الصافي، مع التعبير في الوقت نفسه بفخره بلبنان الذي يُصدّر الأدمغة! "الترويكا" التوافقية مستمرّة، وسنعود من جهنّم إلى وحدة المسار والمصير. ملاحظة دستورية: على الرئيس الجديد أن يكون لبنانيًا منذ أكثر من 10 سنوات وعربيّ الهوية والانتماء. #بس_أقول.