26 سبتمبر 2025

تسجيل

الشكوى وعلاقتها بالدعوى الجنائية

31 أكتوبر 2022

​تعتبر الدعوى الجنائية بمثابة وسيلة قانونية مخولة للنيابة العامة من أجل القضاء على جميع أشكال الجريمة داخل المجتمع، فالنيابة العامة هي الجهاز الذي سمح له المشرع بتحريك الدعوى الجنائية تلقائياً دون أن يتوقف ذلك على ضرورة تقديم طلب من شخص بعينه، وذلك باعتبارها ممثلة الحق العام ومدافعة عن حرمة المنظومة المجتمعية من الجرائم التي قد تزعزع استقرارها، لكن هنالك بعض الجرائم التي اشترط فيها القانون أن يتم تحريك الدعوى الجنائية أولا من قبل فرد واحد من المجتمع، ليحق بعد ذلك للنيابة العامة أن تتابع إجراءاتها. ولقد اشترط القانون تحريك هذه الفئة من الجرائم بواسطة شكوى المجني عليه نظرا لخصوصيتها، ولأثرها المباشر على الضحية أكثر من المجتمع، وبالتالي يكون لهذه الضحية خيار المتابعة من عدمه عن طريق تقديم شكوى إلى الجهة ذات الاختصاص. ​بمطالعة الجرائم التي لا يجوز تحريك دعوى جنائية بشأنها تلقائيا من طرف النيابة العامة، والمحددة بنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية نجد القاسم المشترك بينها هو أنها تقع على شخص الضحية أو ماله أو غير ذلك مما يمس به شخصيا ولا يؤثر مباشرة في نظام المجتمع، وهو ما يبرر المرونة التي تعامل بشأنها المشرع عندما لم يلزم النيابة العامة بتحريكها تلقائيا، وترك أمرها بإرادة المجني عليه، الذي تكون لديه الحرية الكاملة في اختيار متابعة مرتكب الجريمة أم لا، حسب وقعها عليه. ​والجرائم التي لا يجوز تحريك دعوى جنائية فيها إلا بشكوى من المجني عليه هي جريمة المضايقة أو الإزعاج عن طريق وسائل الاتصال، مختلف جرائم الاعتداء، جرائم انتهاك حرمة المساكن وملك الغير، جرائم التهديد، جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار، جرائم السرقة بمختلف صورها، جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم، والجرائم الأخرى التي تقع على الشيك ويكون الهدف منها حرمان المستفيد بسوء نية من صرفها، جرائم إتلاف مال الغير، الجرائم التي تقع على الحيوان، وهذه الجرائم تم تحديدها بموجب المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية والذي أحال بشأنها إلى المواد التي تنظمها ضمن قانون العقوبات، كما توجد جرائم أخرى تتوقف فيها متابعة الجاني على شكوى المجني عليه ولم يرد ذكرها ضمن المادة 3 المشار إليها سابقا مثل الجرائم التي تقع على الشخص بواسطة وسائط الاتصال الإلكتروني والمنصوص عليها ضمن القانون رقم 14 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية. ​يتم تحريك الشكوى من طرف المجني عليه عن طريق التوجه إلى مقر النيابة العامة بشخصه أو بواسطة وكيله أو ممثله القانوني إذا كان الشاكي شخصا اعتباريا، أو الولي، الوصي، القيم في حال كان الشاكي لم يتم سن الثامنة عشرة، وذلك من خلال تقديم مذكرة كتابية بموضوعها أو بتقرير شفوي إلى النيابة العامة المختصة أو أحد مأموري الضبط القضائي، أو من خلال رفع الشكوى عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للنيابة العامة بعد تسجيل الدخول بالحساب الشخصي للمجني عليه، وإرفاقها بجميع المستندات التي تؤيدها. ​وقد فرض القانون قيدا زمنيا معينا على الفترة التي يجوز خلالها سماع الشكوى في الدعوى الجنائية من قبل المجني عليه، بحيث بعد مرورها لا يجوز تقديم الشكوى، ويفقد الفعل المرتكب طابعه الجرمي ليصبح طابع النزاع بعد ذلك مدنيا صرفا، وهذا القيد محدد في ثلاثين يوما من يوم العلم بوقوع الجريمة إلا إذا نص القانون على ميعاد آخر بخلاف ذلك. ​أما إذا حصل صلح بين الأطراف، أو رغب المجني عليه بإرادته الحرة الكاملة في التنازل عن الشكوى، فيحق له التنازل عنها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى الجنائية بشرط ألا يكون قد صدر فيها حكم قضائي بات. ​