13 سبتمبر 2025

تسجيل

خاشقجي صريعاً.. يهُزُّ العروش!

31 أكتوبر 2018

بعد مرور أكثر من 500 يوم على حصار دولة قطر من قبل كل من ( المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، ومصر) بفرض حصار بريّ وجويّ، وتلاشي الإدعاءات التي روّجتها دول الحصار، ومنها المطالب الثلاثة عشر، والمبادئ الستة، حيث بات يقينًا تورّط المملكة العربية السعودية في مقتل الكاتب الصحفي (جمال خاشقجي) في قنصلية بلاده في اسطنبول، وثورة العالم على السعودية، لضلوعها، واعترافها بقتل الكاتب (خاشقجي)، بعد هذه الأحداث، يبدو أن دول الحصار، قد نسيت الحصار، رغم عدم استجابة دولة قطر لأي من تلك المطالب أو المبادئ الستة، بل سارت قطر – على طريقتها حسبما أرادت القيادة – وصافحت دول العالم المتحضرة، عبّرت عنها الزيارات المتعددة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، شرقًا وغربًا، مُعزِّزًا وموطّدًا علاقات دولة قطر مع تلك الدول، التي أبدت تأييدًا للموقف القطري الواضح، في الوقت الذي قبع فيه زعماء دول الحصار في مخابئهم، ولم يحضر أيٌّ منهم اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، كما فعل الزعماء الأحرار، والمُحبون للسلم والأمن الدوليين. نقول: إن دم (خاشقجي) أنساهم الحصار، فلجأوا إلى التبرير، وأيضًا – عبر إعلام هزيل – زجّوا اسم قطر في حادثة القتل التي تمت بواسطة سعوديين قدموا خصيصًا لتنفيذ عملية القتل، وعلى مرأى ومسمع القنصل السعودي في اسطنبول (محمد العتيبي)! وكان من هفوات التضليل السياسي والإعلامي السعودي، الترويج بأن (خاشقجي) قد غادر القنصلية – حسبما قاله ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان)، وأيضًا أكده القنصل السعودي في اسطنبول، ليأتي البيان السعودي الواهن يوم 22/‏10/‏2018، ليعترف بمقتل (خاشقجي) إثر شجار في القنصلية! السؤال هنا: كيف يتزامن الشجار، مع وجود «فرقة الموت» السعودية المؤلفة من 15 شخصًا، بينهم طبيب تخدير، وطبيب تشطير، ورجال استخبارات، وما دخلهم في الشجار المزعوم، إن حصل بين (المغدور) وبين موظفي السفارة، على اعتبار أن (خاشقجي) دخل السفارة لتصديق بعض الأوراق؟! وحتى إن حصل « شجار»، وتدافع، هل يؤدي ذلك إلى القتل ما لم تكن نية القتل مُبيّتة؟! وبالتالي: أين جثة المغدور؟؟ أليس من الإثباتات التي تدعم وجهة النظر السعودية، وتؤكد «صحة البيان الرسمي»، أن تظهر سلطات القنصلية الجثة للرأي العام، وحق أهل (المغدور) في دفنها، على الشريعة الإسلامية، التي «تدافع» عنها السعودية؟ أما إذا طارت الجثة، على شاكلة أفلام الرعب في (هوليوود)، فهذا أمر مُستغرب جدًا! نقول إن الخطة الاستخباراتية لاستدراج (خاشقجي) إلى القنصلية السعودية، لم تكن محبوكة جيدًا، كما يفعل الاستخباراتيون المُلهمون، إذ كان بالإمكان استئجار قاتل محترف، مقابل مبلغ من المال، كي ينفّذ عملية القتل بعيدًا عن القنصلية،. ومن العبَط أن يُقتل الرجل داخل القنصلية، التي من المفروض أنها تُسهّل أمور المواطنين، وتقدم لهم الخدمات، بدلاً من أن تخلق لهم الشجارات، وتواجههم بالإبر المُخدرة، والمناشير! كان من المفروض من القنصل (العتيبي) أن يكون حصيفًا، ولا يترك ساعة (خاشقجي) المربوطة بهاتفه، الذي سلّمه لخطيبته قبل دخوله القنصلية! والساعة أوصلت معلومات مهمة إلى فرق البحث والاستقصاء التركية. تصل الأمور إلى ذروة الارتباك، عندما لجأ (بن سلمان) إلى أكباش فداء، للعملية الخاسرة، عندما أمر بإزالة اللواء (أحمد عسيري) من منصبه كنائب للاستخبارات، و(سعود القحطاني) المستشار بدرجة وزير في الديوان الملكي، وتحديد قائمة من 18 شخصًا تنتظرهم المحاكمة. لقد اهتز عرش المملكة، عندما خرّ (خاشقجي) صريعًا داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، ولم يدرك كثيرون، كيف أن هذا الرجل ميتًا، يمكن أن يكشف كثيرًا من الزيف، والخداع السياسي، الذي سارت عليه المملكة العربية السعودية لحقب طويلة. ولقد اتفقت مواقف جميع دول العالم ومؤسساته الحقوقية والأممية، على أن السعودية تتحمل مسؤولية مقتل (خاشقجي)، وبالتالي عليها الإجابة عن الأسئلة التي ما زالت مفتوحة، بل وقامت بعض الدول بتجميد صفقات سلاح بمئات الملايين! ومن المواقف التي استوقفتني في هذا الخصوص: نيكولاس كريستوفر (نيويورك تايمز): «ضرورة أن تسارع الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى طرد السفراء السعوديين كافة، وأن تضغط من أجل إجبار العائلة الحاكمة في السعودية، على تنحية (محمد بن سلمان) فهو غير متزن، ويجب إيداعه السجن»! روجر هوكين (المعلق الأمريكي في صحيفة نيويورك تايمز): «15 عميلًا أُرسلوا للقاء (خاشقجي)، واحد منهم يحمل منشار عظام، يمكن للسعوديين اعتقال من يريدون، ولكن الشخص الذي تجب الإطاحة به، واحتجازه، ومحاكمته لهذه الجريمة، هو (محمد بن سلمان)، وهو ليس رجل دولة». دونالد ترامب (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية)، يُعرب عن عدم رضاهُ عن التفسير الذي قدّمته السعودية للملابسات التي أحاطت بمقل (خاشقجي)، في قنصلية بلاده في اسطنبول. انجيلا ميركل (المستشارة الألمانية) « لا أقبل تفسير السعودية بشأن مقتل الصحفي (خاشقجي).. إن الأحداث المروّعة التي أحاطت بمقتله، هي تحذير من أن الحريات الديموقراطية تتعرض للهجوم في جميع أنحاء العالم. ألمانيا تُوقف شحن أسلحة للسعودية، وتُلغي عقود تدريب لحرس الحدود السعودي. جيريمي هنت (وزير الخارجية البريطاني): كان حادثًا مروّعًا، ولا بد من محاسبة المسؤول عنه. النائب العام السعودي: إن التحقيقات الأولية أظهرت وفاة (خاشقجي) في القنصلية السعودية بأسطنبول، وأن المناقشات التي تمت بين المواطن (خاشقجي)، وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في القنصلية، أدّت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي، مما أدى إلى وفاته». أنطونيو غوتيرش (الأمين العام للأمم المتحدة ): قلقون بشأن تأكيد الإعلام السعودي، وفاة الإعلامي السعودي (جمال خاشقجي)! فلاديمير بوتين (الرئيس الروسي): من الضروري انتظار نتائج التحقيق، في اختفاء (خاشقجي)، في تركيا، قبل تخريب العلاقات مع المملكة العربية السعودية. المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، ترفض الرواية السعودية لمقتل (خاشقجي)، وتصفها بأنها «رواية هزلية»!؟ إيملي ثورنبيري (النائبة البريطانية في حزب العمال المُعارض):» إن بريطانيا سمعت نفس الأعذار السعودية فيما يتعلق بالحرب على اليمن، والآن تكرر نفس الكلام في قضية الصحفي المقتول (خاشقجي).. عندما يقترفون جريمة مُشينة، يعتبرونها خطأً غير مقصود». جينا هاسبل (مديرة الاستخبارات المركزية الأمريكية، اطَلعت على الأدلة السمعية والبصرية المتعقلة بمقتل الصحافي (خاشقجي) ونقلت الصورة كاملة إلى الرئيس الأمريكي (ترامب). موقف (ترامب) يهتز، قبل أسبوعين من موعد انتخابات التجديد، ولهجته تتغير تجاه مقتل (خاشقجي) وتجاه السعودية. ترامب يعلن عن تورط (ابن سلمان) في مقتل (خاشقجي)، ووصف أسلوب معالجة الرياض لقضية (خاشقجي) بأنه أسوأ تستر على الإطلاق!. ويعلن أنه سيترك للكونغرس تحديد تبعات مقتل (خاشقجي). عقوبات تشهرها أمريكا في وجه السعودية، حيث تقدّم أعضاء من الحزبين (الجمهوري والديموقراطي) بمشروع قانون إلى (الكونغرس) لمنع بيع الأسلحة إلى السعودية، بعد مقتل الصحفي (خاشقجي) في الثاني من أكتوبر في قنصلية بلاده بأسطنبول. صفقة بقيمة 15 مليار دولار مُهددة بالإلغاء بين السعودية وشركة (لوكيهد مارتن) للطائرات العسكرية، بسبب موقف السعودية من قضية مقتل (خاشقجي). مايك بومبيو (وزير الخارجية الأمريكي): «واشنطن ستحاسب جميع المسؤولين عن مقتل الصحفي السعودي (خاشقجي)، ونقلَ إصرارَ الرئيس (ترامب) على ذلك. جاستن ترودو (رئيس وزراء كندا) يهدد السعودية بمراجعة تصاريح تصدير الأسلحة إلى السعودية، بعد مقتل (خاشقجي)، ومنها اتفاق بقيمة 13 مليار دولار. البرلمان الأوروبي يتخذ قرارًا – غير ملزم – بفرض حظر على تصدير الأسلحة للسعودية، وافق 325 نائبًا على القرار، بينما عارضهُ نائب واحد، وامتنع عن التصويت 19 نائبًا. صندوق التقاعد الحكومي النرويجي يهدد بسحب استثماراته في شركة (ريثون) العالمية، التي تبيع أسلحة للسعودية، بسبب استخدامها في الحرب على اليمن. رجب طيب أردوغان (الرئيس التركي)، بدا حازمًا تجاه مقتل (خاشقجي) ووجّه خطابه مباشرة إلى الملك، ولم يذكر اسم ولي العهد، وذكر شروطًا مُحددة لاستكمال التحقيقات في تركيا. النور جيفك (مستشار الرئيس التركي): يدا (بن سلمان) عليها دماء (جمال خاشقجي). هكذا نجد أن الكاتب (جمال خاشقجي) استطاع أن يهزّ العروش، ويقلب المواقف، ويخلط الأوراق، باختفائه القسري، والذي تشير كل الدلائل إلى أن المملكة مسؤولة مسؤولية أولى وكاملة عن مقتله واختفاء جثته، حتى الآن.