10 ديسمبر 2025
تسجيلسلامٌ قولاً من رب رحيم.. لربما تكون هذه الكلمات هي أول ما نطقت به حينما لمحت مشهد النائب العام السعودي سعود المعجب وهو يهم بركوب السيارة التي كانت تنتظره خارج مقر الإدعاء العام التركي بعد لقائه غير الموفق مع المدعي العام الجمهوري التركي ونظراته تنضح خبثاً إن لم تكن اعترافاً معلناً بجريمتهم الواضحة في اغتيال الشهيد جمال خاشقجي الذي امتدت له أيادي القتل غيلة بعد دخوله لقنصلية بلاده في اسطنبول، فالنائب الذي وجه 37 تهمة للداعية الإسلامي سلمان العودة و8 تهم للداعية محمد المنجد و30 تهمة للداعية علي العمري ولائحة لا تعد من التهم للشيخ عوض القرني وغيرهم من المفكرين والمثقفين وطالب القضاء حينها بأن يقام في حقهم ( القتل تعزيراً حتى يكونوا عبرة لمن يسير على نهجهم ) جاء مسلّماَ إفادات الـ 18 متهما – وأشك شخصياً بصحتها - التي تقول الرياض أنهم الفاعلون الحقيقيون للجريمة وأنهم خضعوا لتحقيقات دقيقة وبوصف أدق ( شفافة ) والتي على إثرها جعلت المعجب يؤكد للمدعي العام التركي أن جريمة خاشقجي كانت مدبرة وأنه تم التخطيط لها مسبقاً ليقف تعاون المعجب عند هذا الحد في خطوة وصفها محللون بأنها تقدم بسيط وطالب في مقابلها أن تسلمه النيابة التركية كل الأدلة والتسجيلات التي بحوزتها له لمراجعتها والحمدلله أن طلبه قوبل بالرفض القاطع، فليس من المعقول أن يأتي سعود المعجب في مهمة (ساعي بريد) لحمل كل ما توصلت له السلطات التركية في حين أنه كان يجب عليه ترجمة الادعاءات السعودية الواهية بالتعاون مع الجانب التركي في كشف الحقيقة عن هذه الجريمة التي لا يستحق الإعلان عن مرتكبها وآمرها كل هذا العناء وذاك الصبر على الرياض التي تقوم بدور فاشل في درء حقيقة تورطها الكامل بدءاً من رأس الهرم فيها وحتى آخر شخص في قاعه. وماذا بعد ؟!..هذا هو السؤال الذي تردد بكثرة بعد زيارة المعجب والتي تساءلت تركيا بعدها حول أسبابها وما إذا كان النائب العام السعودي قادماً للتعاون أم للتجسس وحمل ما يستطيع حمله لغرفة العمليات السعودية التي تواصل الليل بالنهار لإيجاد مخرج أو كذبة جديدة يستطيعون من خلالها أن يكسبوا أو يضيعوا وقتاً هم في أمس الحاجة فيه لحل سحري يجبر تركيا على السكوت وغض البصر عن هذه الجريمة وتسويف إعلان الفاعل فيها حتى يشعر الناس بأنهم يجب أن ينسوها وليرحم الله جمالاً وكفى !، ولكن لا !، تثبت أنقرة ورئيسها الذي يبدو أنني أسأت الظن في حكمته وذكائه في مقال أعقب خطابه الأول والذي تضمن معلومات شحيحة كانت عبارة عن رسائل سرية تلقتها الرياض ولم يستوعبها عامة الناس أنهم شعب لا يمكن أن يساومه أحد على كرامة أرضه وان الجريمة التي اعتقدت الرياض أنها ترتكبها على أرضها باعتبارها قنصلية سعودية يعلوها علمها ما هي إلا استهانة وإهانة بها، ولذا كتب ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية ومستشار الرئيس أردوغان في صحيفة محلية: «الحمدلله أن خطيبة جمال خاشقجي السيدة خديجة جنكيز كانت شاهدة على دخول خاشقجي لقنصلية بلاده في اسطنبول وعدم خروجه منها لأنها بذلك حمت تركيا من التورط بدم الكاتب السعودي ولكانت صحيفة عكاظ شبه الرسمية السعودية كتبت عن اختفاء إعلامي سعودي في تركيا ولكانت واصلت الإساءة كما تفعل دائماً»!، ولذا تسعى السعودية اليوم لبذل الغالي والنفيس لتحرير رقبة ولي عهدها من حبل الإدانة الملتف حولها وينتظر الاتهام المعلن ليشتد ذلك الحبل وتنتهي أسطورة الحاكم القمعي الذي يواصل جبروته داخليا من خلال اعتقال العشرات من الدعاة والمفكرين تعسفاً وخارجيا كما نرى في الحرب العبثية التي يقودها في اليمن التي أدت لأكبر أزمة صحية وغذائية في العالم في هذا القرن، وقد كشفت نيويورك تايمز عن طلب محمد بن سلمان من والده القيام بزيارة عاجلة إلى تركيا في محاولة للملمة الموضوع لدى أردوغان وأن هذا المتهور نفسه كان قد طلب من الرئيس الروسي بوتين أن يتوسط لدى الرئيس التركي لنفس الغاية ولكن الأخير أوضح له أن أمام هذا الضغط الدولي والأدلة الدامغة لا يمكن أن يتدخل أو أن يستطيع حتى إقناع أردوغان عن مواصلة الاهتمام بكشف الحقائق في هذه الجريمة ناهيكم عن حديث برغبة الرياض بتوسط قطر أيضاً!، وعليه فإن كل الإجراءات الغبية التي تواصل السعودية اتخاذها بدءاً من التخطيط لقتل مواطنها في قنصليتها وانتهاءً - ولن تكون الأخيرة بالطبع - بتمييع الوقت الذي سيزيد من الشبهات عليها لن تفيدها أمام ما تسربه السلطات التركية من معلومات وتسجيلات تقنع العالم بإدانة السعودية قطعيا بهذه الجريمة وأيضاً أمام ما يعده البيت الأبيض من لائحة عقوبات ستلوي بها يد الرياض بالتزامن مع لي الاتحاد الأوربي للذراع الأخرى لها !. ◄ فاصلة اخيرة: واصلوا العد لهذه الجريمة فاليوم هو الثلاثون المتمم لها! [email protected]