09 سبتمبر 2025
تسجيل(لطشة) رصاصة خدشت أُذن ترامب هزت مشاعر بعض الحكومات العربية وجعلتهم يسارعون بإصدار بيانات تنديد بالحادثة الشنيعة واتصالات اطمئنان على صحة من لا يزال مرشحا للرئاسة الأمريكية ولم يصبح رئيسا بعد، بينما باتت حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية حماس إسماعيل هنية وبهذه الصورة التي رآها العالم غدرا وخسة حادثة عادية لم تستدعِ أن تندد هذه الحكومات بها ولا بمن ذهب ضحية فيها رغم الثقل السياسي والشعبي الذي كان يمثله هنية، ومع هذا ظهرت مواقف دول عربية أخرى وإسلامية بدءا من قطر التي تمثل حاضنة لممثلي حماس وهنية كان منهم مع زوجته التي رأينا ثباتها وكلماتها المجلجلة حين استقبلت جثمانه قبيل مواراته الثرى بعد جنازة مهيبة شارك بها قيادات الدولة وشخصياتها الرسمية إلى جانب ممثلين عن دول إسلامية وأعضاء من حماس أرادوا توديع هذا الرجل الذي كان قد استُشهد أبناؤه وأحفاده قبل أن يرتقي هو الآخر كما تمنى ونهاية بدول مثل تركيا وروسيا وأفغانستان ولبنان وماليزيا وإندونيسيا والصين فهل كانت مصادفة أن ينال ترامب وقبله جنازة الصهيوني بيريز كل تلك المشاركات العربية والعالمية والتباكي على ضفافهما، بينما كان اغتيال القائد هنية يظهر وكأنه متماشٍ مع رغبات هذه الحكومات التي أعجب من انكماشها أمام جريمة تضاف لسلسلة جرائم هذا العدو، وإنه كما وصلت إسرائيل لمخدع هنية بالأمس وفي ظلمة الفجر فإنها قادرة غدا على أن تصل لمخادعهم في وضح النهار وليس بغريب عن هذا الكيان الذي ينقض العهد والوعد وليس من يومنا هذا بل من قبل 1400 عام والتاريخ مليء بصور الغدر والنقض التي لا يمكن للتاريخ أن يطمسها أو يمحوها أبدا. مات هنية والأمر بات مفروغا منه وقد تحدثت عن العجز الإيراني عن تأمين إقامة هذه الشخصية التي كانت تمثل هدفا مستمرا من قبل الإسرائيليين وكيف تمكنوا من اصطياد هذا الرجل الذي كان قبيل اغتياله يتبادل الأحاديث مع شخصيات عربية وخليجية وإسلامية في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في العاصمة الإيرانية طهران فماذا بعد استشهاده ؟! وأنا هنا لا أسأل عن وضع حماس لأنني أيضا كنت قد كتبت عنوانا أعقب حادثة الاغتيال الخسيسة يقول (رحل هنية ومنه ألف هنية)، وهي قادرة على أن توجد البديل فورا وحالا لكني أتساءل حول إسرائيل التي يناضل رئيس حكومتها المجرم نتنياهو ليقنع عائلات الأسرى الإسرائيليين بأنه يثابر لإعادتهم لعائلاتهم وشراء الرضا الشعبي المفقود إزاء سياساته الحمقاء والإفلات من الملاحقات القضائية التي تحث الخطى وراءه ومع هذا فإنه أجهض كل تلك المحاولات البائسة واليائسة باغتياله لرئيس المفاوضين لحماس فكيف اجتمع النقيضان في رأيه ؟! وهذا ما أوضحه معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في تغريدة أعقبت حادثة الاغتيال حيث قال: ( إن نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض يدفع إلى التساؤل كيف يمكن أن تجرى مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته ؟ فالسلام الإقليمي والدولي بحاجة لشركاء جادين وموقف دولي ضد التصعيد والاستهتار بأرواح شعوب المنطقة ) فعلا كيف قتل الإسرائيليون من يفاوضونه لفك رهائنهم من الأسر؟! وهل يعتقدون أنهم بعد هذه الفعلة البشعة يمكن أن يختصروا الطريق لهذا الهدف أم يزيدونه تعقيدا ؟! وهل من وزع الحلوى من الإسرائيليين في شوارع تل أبيب فرحا بمقتل هنية يفكرون أنهم يمكن أن يحلموا بعدها برؤية أسراهم الذين أودى نتنياهو بهم إلى المجهول المظلم بعد استهدافه كبير المفاوضين في حماس لتحريرهم ؟! فقد كانت تغريدة وزير الخارجية القطري استقراءً واضحا للواقع بل وللمستقبل الذي عجزت حكوماته العربية والإسلامية والغربية على إدانة اغتيال هنية كعملية اغتيال سياسية رخيصة لا يمكن أن تخدم إسرائيل أولا وأخيرا.