15 سبتمبر 2025

تسجيل

غسيل الأدمغة

31 أكتوبر 2018

في عام 1933 تولى الحزب النازي الحكم في ألمانيا وأسس وزارة جديدة اسمها وزارة الدعاية Propaganda (توازي وزارة الإعلام في وقتنا الحاضر)، وترأس الوزارة الدكتور جوزيف غوبلز، الذي احترف الخطابات الحماسية وإطلاق الشعارات الرنانة، فعمل على تمجيد الحزب وزعيمه، ونشر أهدافه وأفكاره. استخدم غوبلز عدة أساليب لغسل أدمغة الشعوب، منها اختلاق الأكاذيب وتكرارها حتى يصدقها الناس وتصبح حقيقة مطلقة، ومن مقولاته الشهيرة: "كرر الكذبة مراراً حتى تصبح حقيقة". وكان يحطم الخصوم والمعارضين بإلصاق التهم ووصفهم بالخونة وتلفيق القصص والأكاذيب، ومن مقولاته: "أعطني إعلاماً، وسأعطيك قطيعاً من التابعين". ومن الأساليب التي ابتكرها غوبلز ، التأطير للأخبار بما يتناسب مع أهدافه، فيعرض جزءاً من الخبر ويطمس الجزء الآخر، ويصور الهزيمة على أنها تكتيك عسكري، ويحوّر الخبر ليكون نصراً عظيماً. وفي إحدى المحاولات الفاشلة لاغتيال هتلر، قال غوبلز: "إن هتلر ترعاه العناية الإلهية". لم يكن أحد يستطيع الوقوف أمام الحزب النازي؛ فلديه آلة إعلامية ضخمة يعمل بها آلاف المصورين والكُتَّاب والمذيعين، تستطيع قلب الحقائق والتأثير في الناس، وصوتها أعلى من أي صوت آخر يحاول إيقاظ الفكر والوعي الشعبي. نجحت هذه الأساليب في التأثير على الملايين من شعوب الرايخ (الإمبراطورية الألمانية)، وأشعلت فيهم الشعور بالفخر والوطنية، والحماس للزعيم الفذ الفوهرر (لقب قائد الحزب النازي) أدولف هتلر وكل ما يقول ويفعل، ونشر الكراهية بين الشعوب، ويبرروا له قتل وسجن أي فئة من الشعب، بل وصلوا لدرجة أن الأخ قد يشي بأخيه الذي يشك في ولائه ليزج في السجون. وفي 1945 دخلت قوات التحالف إلى العاصمة برلين وانتحر غوبلز. انتهى عصر غوبلز، ولم تنته أساليبه وألاعيبه التي ابتكرها واستخدمها وأظهرت نجاحها، حيث لاتزال تستخدمها الكثير من الدول.