17 سبتمبر 2025

تسجيل

الدروس المهمة من أحداث الأمة (3)

31 أكتوبر 2012

مشروعية التظاهر السلمي لإثارة الرأي العام للإصلاح والتغيير قال تعالى "إدفع بالتي هي أحسن"المؤمنون/ 96، وفصلت/ 34، ولئن قال تعالى في محاورة أهل الكتاب، " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"العنكبوت/46، أيكون هذا مع أهل  الكتاب، ويكون مع المسلمين الحوار بالرصاص الحي، والسلاح الأبيض، والخيل والبغال والحمير، تطأ الأبرياء بأظلافها وأخفافها، أيكون جدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ويكون مع المسلمين،بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، والقذف بالحجارة، ما هكذا تورد الإبل يا.....لعل أزلام النظام، وأقزامه قد أدركوا قبل غيرهم أن معركة الجمال والبغال، قد دقت المسمار الأخير في نعش هؤلاء الطغاة، ,وأن هذا الصنيع بل سلوكهم طول هذه العقود، ما أعقبهم إلا ندما، ولا أورثهم  إلا حسرة، ولا أنتجهم إلا شرا، ولا أثمرهم إلا مكروها، وكره وبغض الشعب لهم، ولا أكسبهم إلا ضررا، ولا ألقحهم إلا شرا.وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.خرجوا من سُدَّة الحكم، تشيعهم وتلاحقهم لعنات اللاعنين ، على كر الجديدين، واختلاف العصرين. ما إن تهيأ لهؤلاء الفتية، والشباب الثوار فرصة للجهر بكلمة الحق، والصدع بها، واحدودب عليهم ومعهم من تقطعت بهم السبل، وضاقت بهم أرض الكنانة بما رحبت، حتى أقبل عليهم فريق الشيطان، وشيعة الباطل، وأتباع الغي وألفافه، وسباع الغارة، وفراش النار، وأعداء الحق، وجنود إبليس، وأهل الفرقة  والزيغ، والشقاق والنفاق، وأعمدة الفتنة، وألوية الضلال فزادوا الحزب والنظام ضعفا على ضعف، وضغثا على إبالة، وضِعة على ضعة، وقِحة على قحة، ولم : لا وبهم أسفر الحزب عن وجهه الكالح، وعمله القبيح، فعرف القاصي والداني، في الخارج والداخل، ما يصنع النظام بشانئيه، ومنكري المنكر عليه، ولئن صدقت الأخبار المتداولة، والمعلومات المتناقلة من كون النظام، قد كان وراء أحداث كنيسة الاسكندرية،أقول لئن صدقت، وتوثقت فما كان هذا الحزب والنظام إلا منجم الباطل، ومنبع الضلالة، ومغرس الفتنة، ومبركها، ومناخها، ووكر الباطل، وعش الدعارة، وعرصة الغي،وتكون أحداث الخامس والعشرين من يناير آية الله الباهرة، في كشف ألاعيبه، وكشط القناع عن وجهه الكئيب. إن هؤلاء المتظاهرين ليسوا بغاة، كما سنوضح ونُؤصِّل بعد قليل في حلقة قادمة بحول الله وقوته-، وإنما هم طلاب حق، ودعاة إصلاح، سُدَّت في وجوههم الأبواب، وحيل بينهم وبين قول كلمة الحق، وسد النظام في وجوههم أبواب الحوار، ووصدت في نفوسهم بواعث الأمل، وكُمْمت الأفواه، وقصفت أقلام الحق،وتم إقصاء دعاة الحق عن المنابر،في المساجد،والصحف وأجهزة الإعلام، والمجالس النيابية، بتزييف إرادتهم في الانتخابات، فلم يكن أمامهم بد من ركوب متن الطريق،ليسمع صوتهم، وليصل أنينهم إلى سمع السلطان الذي تصامم، والقاصي والداني،بل إلى سمع العالم الحر، وذوي الضمائر الحية، والفطر السليمة، انتصارا وانتصافا،  قال تعالى "لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً"   أولم يأمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم من تأذي من جاره، - عندما تفاقم أذاه -، وبلغ السيل الزبي ؛ من ضره وانتشار شره، أولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج إلى الطريق العام ويجلس بمتاعه فيه، أمام ناظري المارة والغادي والرائح، يستلعنهم على الجار المؤذي،حتى أقلع عن ظلمه، وكف عن بغيه  لما كان فيه بقية من خير، عن أبي جحيفة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جاره،  قال: "اطرح متاعك على الطريق". فطرحه،  فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونه،  فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من الناس؟ قال: "وما لقيت منهم؟". قال: يلعنوني. قال: "لعنك الله قبل الناس". فقال: إني لا أعود. فجاء الذي شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارفع متاعك فقد كفيت". ورواه الطبراني والبزار بنحوه إلا أنه قال: "ضع متاعك على الطريق،  أي على ظهر الطريق". فوضعه،  فكان كل من مر قال: ما شأنك؟ قال: جاري يؤذيني. فيدعو عليه،  فجاء جاره فقال: رد متاعك،  فلا أؤذيك أبدا  وهو فى مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- بلفظ -: أن رجلا أتى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فشكا إليه جاره. فقال: يا رسول الله، إن جاري يؤذيني. فقال: (أخرج متاعك، فضعه على الطريق). فأخرج متاعه، فوضعه على الطريق. فجعل كل من مر عليه قال: ما شأنك؟ قال: إني شكوت جاري إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمرني أن أخرج متاعي، فأضعه على الطريق. فجعلوا يقولون: اللهم العنه، اللهم اخزه. قال: فبلغ ذلك الرجل. فأتاه، فقال: ارجع، فوالله لا أؤذيك أبدا  " أرأيت كيف أن الرأي العام، كان له دوره في تقويم انحراف واعوجاج الجار وقد كان سبيل ذلك الطريق العام، بمعناه ولفظه البدهي وقد تكون وسيلته، توظيف كل وسائل الإعلام (من صحف ومدونات ومطويات ومنشورات وقنوات واليوم الشبكة العنكبوتية، ومواقع النت المتطورة التي جعلها الله تعالى جندا من جنوده المعاصرة ) لإظهار السوء الذي طفح، والظلم الذي ربى، والبغي الذي طم، والبلاء الذي عم أرجاء النفس والناس، والهدف رفع الظلم ورد البغي، والتغيير والإصلاح، وقد يكون بإمكان هذا الجار الذي تأذي أن يتحول، إلى سكن آخر، أما الرعية التي يؤذيها راعيها ويظلمها فأين تتحول؟ وإلى أين تذهب؟، وعليه فالشارع والطريق العام خير منبر، والتكاتف والتآزر من كافة الفئات، وأصحاب الحرف، سبيل لا نظير له لكفكفة يد الراعي الظالمة، وتقليم أظفاره،هذا ومما يدل على أن هؤلاء ليسوا بغاة،وإنما دعاة حق، ومن ساند أو ظاهر هذا الراعي من أفراد العامة من حزبه أو من غير حزبه، أو من زعماء العالم، لم يكونوا على حق فى اتصالهم به ومؤازرته ومناصرته، قال ابن عابدين، -  رحمه الله تعالى: "َإن  الْمُسْلِمِينَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى إمَامٍ وَصَارُوا آمِنِينَ بِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ لِظُلْمٍ ظَلَمَهُمْ بِهِ فَهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الظُّلْمَ وَيُنْصِفَهُمْ. وَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يُعِينُوا الْإِمَامَ، عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى الظُّلْمِ، وَلَا أَنْ يُعِينُوا تِلْكَ الطَّائِفَةَ عَلَى الْإِمَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى خُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ"  ومما يدل على مشروعية هذا الخروج مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ:"أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ " فَجَعَلَ حُدُوثَ الْمَعْصِيَةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ بَعِيدًا رَافِعًا لِوُجُوبِ الطَّاعَةِ، فارْتَفَعَتْ طَاعَةُ الْوَالِي لِجَوْرِهِ، وبهذا الخروج والإخراج لهم من السلطة، كأني بالله تعالى أراد أن يجعلهم أحدوثة سائرة، وعبرة ظاهرة لمن اعتبر، وعظة بالغة للمتفكر، وأعجوبة للناظر،سأل رجل النَظَّام قائلا: ما الأمور الصامتة الناطقة؟ قال : الدلائل المخبرة، والعبر الواعظة. ولا يتم هذا الأمر إلا بأن يؤخذ بجرمه، وجريرته، وما اقترفته نفسه، وما جنته يداه،وما ينبغي أن تقف الأحداث وفعاليتها عند حد خروجه وإخراجه من كرسي الحكم، إذ لا بد من اكتمال المشهد، وإتمام الدورة، وبلوغ الثورة غايتها، وتحقيق أهدافها، حتى لا ندور في حلقة مفرغة، ولكي لا نعود بعد فترة إلى المربع الأول،هذا إذا أردنا تطهير البلاد من سائر المظالم والمفاسد التى  خلفها هذا النظام الأثيم، هذا وبالله التوفيق، وللحديث بقية بحول الله وقوته. هوامش: 1-النساء:148 2- مجمع الزوائد كتاب البر والصلة. باب ما جاء في جار السوء وإمام السوء وزوجة السوء نعوذ بالله منهم باب ما جاء في أذى الجار. صحيح الترغيب والترهيب محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ) مكتبة المعارف - الرياض 2558 - (صحيح لغيره) 3- مستدرك الحاكم كتاب البر والصلة 4- محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي (المتوفى: 1252هـ) 5- الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (4/ 261) 6- الحاوي الكبير 8/