14 سبتمبر 2025

تسجيل

التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم.. المشروع والممنوع

09 ديسمبر 2016

سمعت بعضهم يقول: "رسول الله جئتك مستغيثا فأنت وسيلتي" فكتبت التعليق الآتي: هذا الكلام يخالف الهدي القرآني وكذلك الهدي النبوي الصحيح 1 — فالاستغاثة لا تكون إلا بالله تعالى وحده: قال تعالى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]" و{وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ} [الأحقاف: 17] ويقول تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه.: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [الأعراف: 188 مكية ] وفي يونس { قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ } [يونس: 49 مكية ] ويقول الخليل أبونا عليه السلام لأبيه " { وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } [الممتحنة: 4 مدنية] وفي الجن: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} [الجن: 21 — 23مكية] فهذه مواضع ثلاثة في القرآن الكريم مكية النزول أي من بواكير الوحي المعصوم أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه لا يملك نفعا ولا ضرا، وكذلك في القرآن المدني يتأكد الأمر كما في ورد في الممتحنة على لسان الخليل عليه السلام، 2 وأما ما يتعلق بالتوسل بالنبي صلوات الله وسلامه عليه في قوله "فأنت وسيلتي" فهذا القول أيضا: لا يجوز خاصة بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه وعدم جواز التوسل بالرسول صلوات الله وسلامه عليه بعد وفاته — هو ما عليه المحققون من علماء الأمة: وإليك هذا التحقيق العلمي الموضوعي حتى تكون على بينة من الأمر: التَّوَسُّلَ بِالنَّبِيِّ — صلى الله عليه وسلم — فِي حَيَاتِهِ بِمَعْنَى التَّوَسُّلِ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ جَائِزٌ، وَكَذَا التَّوَسُّلُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ فِي حَيَاتِهِمْ، بِمَعْنَى: التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِمْ وَشَفَاعَتِهِمْ أَيْضًا جَائِزٌ، وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِهِ — صلى الله عليه وسلم — بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَكَذَا التَّوَسُّلُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ فَلَا يَجُوزُ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ فِي رِسَالَتِهِ "التَّوَسُّلُ وَالْوَسِيلَةُ"، وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي تَحْقِيقِهِ، وَأَجَادَ فِيهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ فِيهَا: "وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ جَعَلَ مِنْ الْمَشْرُوعِ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يُتَوَسَّلَ بِالنَّبِيِّ — صلى الله عليه وسلم — بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ — صلى الله عليه وسلم — دَاعِيًا لَهُ وَلَا شَافِعًا فِيهِ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ عُمَرَ وَأَكَابِرَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَرَوْا هَذَا مَشْرُوعًا بَعْدَ مَمَاتِهِ كَمَا كَانَ يُشْرَعُ فِي حَيَاتِهِ، بَلْ كَانُوا فِي الِاسْتِسْقَاءِ فِي حَيَاتِهِ يَتَوَسَّلُونَ بِهِ، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَتَوَسَّلُوا بِهِ.