14 سبتمبر 2025

تسجيل

رجال مثل الذهب (4)

02 ديسمبر 2016

من أوصافهم إضافة إلى ماسبق في الحلقات الثلاث1. رضا الله غايتهم من دون الخلق أجمعين فإرضاء الناس غاية لا تدركإرضاء الناس غاية لا تدرك1-ركب الأب وترك الابن ومشيا، فمروا على قوم، فقالوا: يا له من أب ليس فيه شفقة ولا رحمة، يركب ويترك هذا الابن المسكين يمشى وراءه! فما كان منه إلا أن نزل2-أركب هذا الطفل، ومشى، فمر على قوم آخرين، فقالوا: يا له من ابن عاق يترك أباه يمشي وراء الدابة وهو يركب الدابة! 3-فركب الاثنان على الدابة، ومروا على قوم آخرين، فقالوا: يا لهم من فجرة حمَّلوها فوق طاقتها! 4-فنزل الاثنان ومشيَا وراء الدابة، فمروا على قوم، فقالوا: حمقى مغفلون يُسخر الله لهم هذه الدابة، ثم يتركونها تمشي ويمشون وراءها!{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ} [المؤمنون:71].من يراعي نظر الناس لا يسلم منهم ، على أي حالة تكون ، فرضا الناس غاية لاتدرك ، وأحمق الناس من طلب ما لا يدرك. لماذا لَا يَسُوغُ فِي الْعَقْلِ وَلَا الدِّينِ طَلَبُ رِضَا الْمَخْلُوقِينَ؟ لَا يَسُوغُ فِي الْعَقْلِ وَلَا الدِّينِ طَلَبُ رِضَا الْمَخْلُوقِينَ لِوَجْهَيْنِ:أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ. كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِضَا النَّاسِ غَايَةٌ لَا تُدْرَكُ. فَعَلَيْك بِالْأَمْرِ الَّذِي يُصْلِحُك فَالْزَمْهُ وَدَعْ مَا سِوَاهُ وَلَا تُعَانِهِ.وَالثَّانِي: أَنَّا مَأْمُورُونَ بِأَنْ نَتَحَرَّى رِضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} وَعَلَيْنَا أَنْ نَخَافَ اللَّهَ فَلَا نَخَافُ أَحَدًا إلَّا اللَّهَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وَقَالَ: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} وَقَالَ: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} . فَعَلَيْنَا أَنْ نَخَافَ اللَّهَ وَنَتَّقِيَهُ فِي النَّاسِ، فَلَا نَظْلِمَهُمْ بِقُلُوبِنَا وَلَا جَوَارِحِنَا وَنُؤَدِّيَ إلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ بِقُلُوبِنَا وَجَوَارِحِنَا، وَلَا نَخَافَهُمْ فِي اللَّهِ فَنَتْرُكَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ خِيفَةً مِنْهُمْ. عاقبة من يتوخي ويتحري رضا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وَمَنْ لَزِمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ كَانَتْ الْعَاقِبَةُ لَهُ كَمَا كَتَبَتْ عَائِشَةُ إلَى مُعَاوِيَةَ: " أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ مَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ وَعَادَ حَامِدُهُ مِنْ النَّاسِ ذَامًّا، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ ". فَالْمُؤْمِنُ لَا تَكُونُ فِكْرَتُهُ وَقَصْدُهُ إلَّا رِضَا رَبِّهِ وَاجْتِنَابَ سَخَطِهِ وَالْعَاقِبَةُ لَهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. في صحيح الجامع: 6097 , الصَّحِيحَة: 2311 : عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ، وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ)1[1] وفي رواية: " سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ , وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ "2[2]مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 286)وَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ اللَّهِ - الَّتِي لَا تَبْدِيلَ لَهَا - أَنَّ مَنْ آثَرَ مَرْضَاةَ الْخَلْقِ عَلَى مَرْضَاتِهِ: أَنْ يُسْخِطَ عَلَيْهِ مَنْ آثَرَ رِضَاهُ، وَيَخْذُلَهُ مِنْ جِهَتِهِ. وَيَجْعَلَ مِحْنَتَهُ عَلَى يَدَيْهِ. فَيَعُودَ حَامِدُهُ ذَامًّا. وَمَنْ آثَرَ مَرْضَاتَهُ سَاخِطًا. فَلَا عَلَى مَقْصُودِهِ مِنْهُمْ حَصَلَ، وَلَا إِلَى ثَوَابِ مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَصَلَ. وَهَذَا أَعْجَزُ الْخَلْقِ وَأَحْمَقُهُمْ.