13 سبتمبر 2025
تسجيلهذا ليس عنوان الرواية الشهيرة للمؤلف المصري الكبير الراحل إحسان عبدالقدوس والذي امتاز بكتابته للروايات والقصص التي تمس واقع العائلة والمرأة المصرية على وجه الخصوص والمرأة العربية عموما ولكن شاءت الأجندة العالمية أن تجعل من يوم الثامن من مارس من كل عام يوما عالميا للمرأة على اختلاف الجنسية والبلد والمنشأ والصفات. واسمحوا لي بما أنني امرأة خليجية عربية مسلمة أن أتقمص الهوية العربية لنسائها وأتغافل عن باقي الهويات التي لا تعنيني في المقام الأول، وقد مر يوم كامل عن يوم الأمس والذي احتفل به العالم بيوم المرأة العاملة الكادحة ضمن مسميات غريبة عجيبة تضعها الأمم المتحدة لأيام في السنة لأخبركم كيف كان هذا اليوم عربيا بالتحديد ولأبدأ معكم قصتي الحزينة الغريبة !. بالأمس كنت فلسطينية أحمل شرف القضية الأولى لكل العرب ومعه أحمل بلدا محتلا مغتصبا منذ ما يقارب قرنا من الزمان، فقد قام الإسرائيليون باحتلال وطني ونهب خيرات أرضي واستعباد شعبي ومحاولات إذلال نسائه لكنني أقاوم يا سادة طوال هذه المدة التي لم يتحرك فيها العرب سوى مرتين انتصروا في واحدة وخسروا الثانية وفي كليهما لم يستطع أي أحد طرد اليهود من وطني فتمسكوا بتراب فلسطين وأحالوا التراب لإسمنت وطابوق فأقاموا المستوطنات وكبروا حتى بات لهم دولة اعترف اليوم الكثير من العرب بها بينما أنا لا أزال كمن يبحث معي عن وطن وحدود وعاصمة وأرض وهوية ومن يعترف بي من أشقائي العرب الذين جعلوا من حل قضيتي إقامة دولتين أنال أنا الفتات وتحظى إسرائيل بالدولة و.. القدس عاصمة ويوم أمس تحديدا كنت مواطنة يمنية بسيطة أقتات من أرض غنية بالثروات والخيرات وزرع ممتد بالخضرة والقهوة اليمنية الأصيلة والفاكهة الطازجة والهواء العليل حتى هبت على بلادي رياح يقال لها رياح التغيير أو هكذا أسموها من أرادوا أن يركبوا موجة الربيع العربي ويغيروا واقعا حلموا أن يتحول للأفضل حتى وصل بي الحال لأن أتسول قوت يومي ولا أجده لأبنائي ومن ثار يوما وأحال وطني إلى فوضى إما متمتع بأجواء أوروبا أو في المنفى يتحدث عن نضال الشعب اليمني وربما احتفل مثل غيره بيوم المرأة المنهكة وهو يسرد قصص نضال المرأة اليمنية بينما زوجته مستلقية على فراشها الوثير وأنا في الأزقة المظلمة أخشى غارة ما أو رصاصة قناص من أن تجعلني في لحظة جثة يتعب أولادها وهم ينتظرون عودتي التي قد لا تكون !. وفي البارحة كنت امرأة من سيدات ليبيا الواعدات أعيش كما أراد لي الله أن أعيش أعمل معلمة وطبيبة ومهندسة وجليسة أطفال ومربية وأخصائية اجتماعية وكثيرا من الأعمال التي تليق بي حتى عصفت بي رياح كالتي عصفت بأختي اليمنية تماما فآخت بيني وبينها وتشابهت ظروفنا بفارق واحد وهو أنني لا زلت أعيش في العاصمة كعكس باقي الليبيات اللاتي يعانين من ظروف حالكة في باقي المدن والمحافظات وهذه العاصمة لا تزال منيعة أمام المتمردين بعكس اليمن التي باتت كلها تحت احتلال !. أنا بالأمس كنت إحدى النساء العراقيات الأصيلات الجميلات اللاتي لم يعشن حتى الآن يوما هانئا واحدا ! سوف تسألون لماذا وكيف وهل يعقل أنني لم أحظ بيوم سعيد في حياتي ؟! نعم فأنا كنت رهينة حرب امتدت لثماني سنوات مع إيران فقدت فيها أبي وأخي وولدي وابن خالي وابن عمي ومعه أبناء خالاتي وعماتي ثم دخلت مغامرة لم يحمد عقباها في احتلال غاشم لجارتنا الكويت الجميلة حتى نالت حريتها ثم دخلت بلادي تحت احتلال أمريكي وبريطاني وغربي سموها ما شئتم لكنني حينها فقدت بلادي الحرة التي سميت بلد المليون يتيم من الأطفال الذين فقدوا آباءهم تحت ظروف متعددة ومغايرة واستمر وطني يكابد بحكوماته المتغيرة وتفجيراته المفاجئة وإرهابه الذي يأبى أن يفارق أسواقه وشوارعه حتى اليوم الذي اكتشفت أن لنا يوما يحتفل العالم بنا واستحييت ألا أسرد قصتي في حضرة جنابه وابتسامة صغيرة تعلو وجهي المتصنع !.هذا هو يوم المرأة العربي الذي غفل عنا العالم وأراد أن يحتفل بالناجحات المبتهجات العاملات فيه أما نحن فيكفي أن نتصنع البهجة والنجاح يوم غيرنا يرى كل هذا صنعة وفنا !.