11 سبتمبر 2025
تسجيلفي سنوات مضت تعلمت ألا أنتقد مسؤولاً أستطيع الوصول له والحديث معه تحقيقاً لقول الإمام الشافعي (تعمدني بنصحك في انفراد.. وجنبني النصيحة في الجماعة.. فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه) ومازلت متمسكاً بهذه القناعات ولكن للأسف في الزمن الحالي ومن خلال الواقع الرياضي لنا تجد بأن المسؤول هنا أو هناك أصبح لا يريد النصح في الانفراد بل البعض منهم يعتقد أن ذلك ضعف أو محاباة أو تملق وهذا غير صحيح ويدل على قصر في الفهم والاستيعاب. المسؤولون اليوم أصبحوا يعشقون النصح العلني وهذا لا مانع منه ولكن أن يصبح الصارخون هم الأكثر تأثيراً من خلال صراخهم ليل نهار في كل وسائل الإعلام وهم المحرك الرئيسي لهذا أو ذاك وهم المادة الإعلامية الدسمة التي يستمع لها فلاشك أن هناك خللا كبيرا نعاني منه وهو السبب في تأصيل التعصب وتغير الثقافة من ثقافة النقد البناء المتزن لثقافة التجريح والتقليل من الآخر لأن صوت العقل والحكمة لم يصبح مسموعاً لذلك لا عجب أن تجد الصحف الورقية تتجه للتعصب لتستميل هذا الجمهور عن ذاك فبلغة التعصب الجميع سيتابعك من تتعصب لهم ومن تتعصب ضدهم وفي القنوات تجدها تبحث عن الأصوات الأكثر صراخاً لا يهم العقل والمنطق ولغة الحكمة بل المهم من يجيد لغة الإسقاط هنا وهناك ليكون الأكثر مشاهدة وفي الإعلام الجديد تجد البعض يتعمد الإساءة من أجل أن يصبح الأكثر متابعة فكشفت لنا تلك الوسائل حقيقة الأقنعة. قال لي ذات مرة الصديق والأخ والحكيم محمد أبو عمير رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته "إذا وجدت أنك أمام موجة لا تتفق معها فعليك إقفال كافة المحركات والبقاء في وضع السكون حتى تنتهي فإن ركبتها فهي مضرة وضد مبادئك وفكرك وأخلاقك وتأثيرها سيكون عليك أكبر.. ولكن ثق أن أي موجه سوف تنتهي ويأتي غيرها فاختر موجتك"، مما يشاهد اليوم أجد أن وضع السكون أمام هذا الغثاء هو الوسيلة الوحيدة لتجنب الأضرار الجانبية التي قد تعصف بالكثير من السنين التي عشنا نبني فيها سمعة للقلم والفكر والطرح فالأمانة التي نتحملها تفرض علينا أن نحترم القلم والكلمة ونحترم عقول الأجيال التي نخاطبها وفي ذات الوقت نحافظ على ذائقة المجتمع الذي نحمل أمانته ليل نهار. من المهم اليوم أن يشعر كل مسؤول أنه يرتكب خطأ جسيماً عندما يدفع بتلك الأصوات النشاز نحو المنصات ويصدرها المشهد ويضع لها الوزن حتى تشعر أنها تدير الفكر والعمل فالمرض عندما ينتشر يصعب السيطرة عليه والمسكنات لن تجدي نفعاً والاحتواء سيكون أصعب فهل هناك من يشعر بخطورة ما يحدث أم أننا نعيش هذياناً يعمينا.