12 سبتمبر 2025

تسجيل

"رويبضة" الأرض

31 أغسطس 2015

مما يدهشني كثيراً أننا لا نسمع في هذا الزمان سوى لغة واحده طغت على كل اللغات وأصبحت عنوانا للحديث في المجالس والقنوات ووسائل التواصل المختلفة بل لغة أصبح يجيدها الصغير والكبير والعالم والمتعلم والغني والفقير بل أصبحت تلك اللغة هي الصوت العالي الذي يتتبعه الكثيرون فأصبحوا متيمين بها. اليوم أصبحنا لا نسمع سوى لغة الساخطين في كل شيء فكل منا يسخط من كل شيء لا يعجبنا شيء بل كلما ازددنا أمناً وسعة في الرزق والأوطان والعلم والصحة كلما زدنا سخطاً وذلك والله الشقاء الذي نحن فيه والذي تعاني منه مجتمعاتنا وعقولنا كل يوم فنسير في شوارعنا بسخط وندخل بيوتنا ساخطين ونذهب لأعمالنا نتحدث ونعيش السخط كل يوم ونفتح أجهزتنا فنقرأ للساخطين وهذا الشقاء لأننا لا نعيش النعمة ونستلذ بها ونحافظ عليها بل لأننا نسخط عليها ونتمرد على أنفسنا فأصبحنا لا نشعر بقيمة ما نحن فيه. ألم يقل الرسول الكريم (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) أليس هذا قانون حياة ولغة الرضى ومفهوم للسعادة وباب قناعة أليس هذه ثلاثة من مقومات الحياة وتمام النعمة فمن يملك الدنيا من شرقها لغربها وينقصه أمر من هذه الأمور الثلاثة فلن يشعر بأي قيمة للحياة أو السعادة فلماذا تعمى قلوبنا عن ذلك ولماذا لا نستقبل صباحنا كل يوم بشكر الله على هذه النعم ولماذا نجعل من لغتنا لغة ساخطة ونفوسنا لا تسكن لنعمة نعيشها كل يوم بتمامها. لابد أن نعلم أن من سخط فله السخط ومن رضي فله الرضا فكن مع الراضين الذين يرضيهم الله وعلينا أن نلغي من قاموسنا لغة السخط ولننظر بروح إيجابية لمجامع النعم التي نعيشها كل يوم ولنستلذ بها ونعيشها بلحظاتها فلغة السخط التي بلي بها البعض لن تزيدهم إلا سخطاً بل هناك من يريد لنا أن نكون قوماً ساخطين لا ترضيهم نعمه ولا يستوعبهم أمناً ولا يكفيهم قوتا والمجتمع يعيش حالة التيه كلما ازداد سخطاً والفرد منا يزداد شقاء كلما زاد السخط في نفسه وحياته ولغته بل هذا السخط هو الطريق الذي يوصلنا لعالم التخلف ويفرقنا فإذا كنا بحالنا الذي نعيشه اليوم ساخطين ماذا نقول عمن عاشوا قبلنا بـ50 عاما ونحن اليوم نملك 100 ضعف النعمة التي عاشوا بها وفوقها صحة وأمناً وقوتاً يكفي ويزيد. إن لغة السخط التي يعيشها الكثيرون بعضهم بعلم وآخرون كثر لا يعلمون خطر مثل هذه اللغة التي لابد أن نحاربها بشكر النعمة وعين الرضا ومن هنا أجد أن لغة السخط لا ينطق بها إلا الرويبضة الذين بلينا بهم في هذا الزمان فأصبح الرجل التافه يتحدث في أمور العامة فلا يتحدث إلا بسخط لا يعجبه أمر ولا تأخذ منه علما وتجده عاجزا صاحب هوى لا يتجاوز دنيويته التي يعيش أسيراً لها. فعلينا اليوم أن نتقي الساخطين الذين يزعمون أنهم يدافعون عن الحق بسخطهم هم العدو فاحذرهم كلماتهم سخرية واستهزاء تجدهم في تلك المنصات التي يختلط فيها الحابل بالنابل بلا رقيب أو حسيب تلك أرضهم الخصبة التي يترعرعون فيها فترفعوا عنها يرفعكم الله.