10 سبتمبر 2025

تسجيل

صورة جماعية

31 يوليو 2023

الانتقال إلى نظام عالمي جديد أو التغيير في النظام العالمي الحالي، يتطلب العمل على إعادة خلط الأوراق وربما بعثرتها، بما يُمكّن صنّاع القرار من إعادة ترتيبها وفق التوجهات، أو الأصح التوجيهات التي يتلقونها من الإدارة العالمية. لن نخوض هنا في ماهية الإدارة العالمية، ولكنها في الغالب تقوم على الأحادية القطبية التي تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية مع عدد من القوى العظمى الناشئة مثل الصين، وروسيا، وعدد من المنظمات الدولية، المتخصصة، سواء البنك الدولي، أو الصحة العالمية، أو منظمة التجارة، وبالطبع العائلات المؤثرة والمُحركة للنظام النقدي والأفراد الفاعلين. وخلط الأوراق يعني تأجيل النقاش في ملفات معينة مثل الأوبئة التي برزت إلى الواجهة في السنوات الثلاث الماضية، بعد استخدامها، ومن ثم فتح ملفات أخرى على نطاق واسع مثل قضية الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض والحرائق والتحذيرات الأُممية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإطلاق نداءات جمع الأموال كي لا تشتعل بنا الأرض! والمنقذون هم أنفسهم المُتسببون بالثقب الأسود الذي أشعل حرارة الأرض، وهم العرّابون الذين سيوزعون على غيرهم من الدول صكوك الاستدامة. ورقة أخرى كُشفت اليوم بقوّة، وهي المثلية الجنسية ومحاولة تكريسها كركن للديمقراطية، ودمجها في التربية والتعليم كحقّ من حقوق الإنسان، ما يُخرج الأطفال في مراحل مبكرة من حياتهم من كنف الأسرة والأهل، ويجعل التحكم في عقول الأطفال والشباب أكثر قوّة، حيث لن تكون الأم مصدر المعلومات ولن يكون الأب مصدر الحماية. النزاعات العسكرية لم تعد الأداة السياسية الأجدى بنظر الإدارة العالمية، وما النزاع المُستفزّ لروسيا في أوكرانيا إلا وسيلة للتأثير في مستقبل الأمن الغذائي وأمن الطاقة، ومُبرر لرفع الأسعار، والتضخم، والركود، والطريق أيضًا لتجفيف السيولة النقدية، وتغذية سوق العملات الرقمية. أضف إلى الأوراق الحالية، ظهور بعبع الذكاء الاصطناعي وتأثيره المّتعمّد على سوق العمل، وتصنيفه كمصدر تهديد لأمن الدول السيبراني وخصوصية الأفراد وحياتهم. العامل الثابت الذي لم يتبدّل في كلّ الأوراق، هو استغلال السياسية للقضايا الإنسانية المشتركة، وتوظيفها على مرّ التاريخ لفرض الأجندات على الشعوب، وممارسة الضغوط على الأنظمة الوطنية عبر إطلاق فتيل المظاهرات، وخرق سيادة الدولة نفسها، وشنّ الحروب الوقائية، وجمع «الخوّات الاقتصادية» باسم المساعدات الدولية، والشواهد كثيرة على ذلك. بعد سبع سنوات من الآن، ستقوم الأمم المتحدة بتوزيع شهادات النجاح على الأنظمة الوطنية التي حققت بعضاً من أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 وستُقام المؤتمرات والمحافل الدولية، وتتباهى البعثات الدبلوماسية برفع إنجازاتها. وستبدو الأسرة الدولية سعيدةً بأغنيائها وفقرائها، وسنُجدد العمل على الأهداف نفسها خلال العقود القادمة، مع تغيير جوهري في المسميات وتحديثٍ في صياغة البيانات. وهذه الصورة الجماعية ستكون الأخيرة في مرحلة معينة من هذا النظام الدولي، ولكن لعبة خلط الأوراق ستستمر، وستتساقط أوراق التوت تباعاً لتكشف عمداً عورات هذا النظام، ومن توانى عن الدخول في اللعبة سيكون مصيره التبديل.