22 سبتمبر 2025

تسجيل

الوكالة.. ليست مجرد تكليف

31 يوليو 2023

يعتبر عقد الوكالة من العقود الرضائية التي تبرم بين طرفين، أحدهما يسمى الوكيل والآخر الموكل، ويدور موضوعه حول التزام الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب ومصلحة الموكل بدون أجر مبدئيا، بمعنى أن عقد الوكالة في الأصل من العقود التبرعية التي لا تشترط عوضا مقابل القيام بأعمال الوكالة إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك. وقد نظم المشرع القطري أحكام عقد الوكالة، التزامات الطرفين، الآثار المترتبة عن إبرام هذا العقد وكيفية انتهائه ضمن المواد من 716 إلى 737 من القانون المدني. يشترط من أجل الانعقاد الصحيح للوكالة بين الطرفين أن تتوافر الأركان الموضوعية والأركان الإجرائية المتطلبة، فمن حيث الأركان الموضوعية فإن عقد الوكالة كغيره من العقود المدنية يستلزم توافر الأهلية القانونية في كلا الطرفين سواء الوكيل أو الموكل، وتحقق الرضاء الصحيح من قبلهما بشأن جميع شروط الوكالة وآثارها، وكذلك صحة المحل والسبب موضوع التعاقد، أما بالنسبة للشروط الإجرائية فإن المشرع لم يلزم إفراغ عقد الوكالة في شكل قانوني معين، لكن المادة 718 من القانون المدني أكدت على أن الشكلية المتطلبة في عقد الوكالة تتحدد بالشكلية المتطلبة للعمل القانوني موضوع الوكالة، أي إذا كان العمل موضوع الوكالة على سبيل المثال يتعلق ببيع عقار فإن الشكلية المتطلبة في الوكالة عندئذ تكون هي الكتابة، طالما أن إجراءات بيع العقارات تتطلب بدورها الكتابة، أما إذا كان موضوع عقد الوكالة يصح قانونا إنجازه شفاهيا جاز إبرام عقد الوكالة شفاهة. والأصل أن عقد الوكالة إذا تضمن ألفاظا عامة تدل على تخويل الوكيل القيام بأعمال قانونية لفائدة الموكل، فإن تفسير حدود الوكالة ينحصر في أعمال الإدارة فحسب، ولا يحق للوكيل تجاوز هذه الأعمال إلى القيام بتصرفات أخرى مثل البيع أو إثبات حقوق للغير، لأن هذه التصرفات تستلزم تخويله وكالة خاصة بتلك الأعمال. وعموما يجب على الوكيل التقيد بالنطاق المرسوم له ضمن عقد الوكالة، ولا يجوز له الحياد عنه وإلا اعتبر متصرفا دون إذن صاحب الحق، وتحمل التبعات القانونية المترتبة عن ذلك. وعليه يكون الوكيل ملتزما تجاه الموكل بموجب عقد الوكالة بتنفيذ المهام الموكولة إليه بحسن نية وببذل العناية اللازمة التي يبذلها في أعماله الشخصية دون تكلف أو تقصير، ويكون ملزما بتزويد موكله بجميع المعلومات المتوصل إليها وبالحسابات المدققة المشفوعة بالمستندات المؤيدة عن التصرفات المجراة ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك وما لم تكن طبيعة المعاملة تقتضي عكس ذلك. وفي المقابل، وإن كانت الوكالة في الأصل عملا تبرعيا بدون أجر، يكون الموكل بدوره ملزما بتنفيذ الواجبات التي يفرضها عليه عقد الوكالة. فإذا تم الاتفاق بين الطرفين على أجر مستحق للوكيل وجب على الموكل سداده كاملا ضمن المواعيد المحددة بين الطرفين دون تأخير أو شرط، بالإضافة لذلك يكون الموكل مسؤولا على تعويض الوكيل عن أي ضرر قد يصيبه بمناسبة تنفيذ عقد الوكالة، كما يلتزم بأن يرد له جميع ما أنفقه من ماله الخاص جراء تنفيذ الأعمال الموكولة إليه بمقتضى هذا العقد. تنتهي الوكالة في الأصل بانتهاء المهام المسلمة إلى الوكيل أو بالميعاد المحدد لانتهائها، كما تنتهي أيضا بوفاة أي طرف إلا إذا تم الاتفاق على إتمامها بعد وفاة الموكل من طرف ذوي الشأن، كما يجوز لكل من الوكيل والموكل التنحي عن الوكالة شريطة احترام الموعد المناسب لذلك، أي عدم التنحي في وقت يضر بمصلحة الطرف الآخر، وإلا لزم المتنحي بتعويض الطرف الآخر عن الأضرار اللاحقة به.