11 سبتمبر 2025
تسجيلقال المفسّرون: عمل صالح في ليلة القدر خَيْرٌ مِنْ عمل أَلْفِ شَهْرٍ ليس فيها ليلة القدرفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"((1)).. (رواه البخاري ومسلم).من ألوان الاجتهاد في العشر الأواخر تحري ليلة القدر فالحديث دليل على فضل قيامها، وهي ليلة عظيمة شرفها الله تعالى، وجعلها خيراً من ألف شهر، في بركتها وبركة العمل الصالح فيها، فهي أفضل من عبادة ألف شهر. وهي عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر. ومن قامها إيماناً واحتساباً غفرت ذنوبه، ونزل في هذا الفضل آيات تتلى، قال تعالى: إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم((2)).قال تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهرتنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ((3)).وليلة القدر في رمضان قطعاً؛ لأن الله تعالى أنزل القرآن فيها وقد أخبر سبحان أن إنزاله في شهر رمضان، قال تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن((4)) أي: أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض((5)).ولقوله تعالى "إنا أنزلناه في ليلة القدر "وقوله تعالى:"إنا أنزلناه في ليلة مباركة "ومن بركتها أن الله تعالى أنزل القرآن فيها، وتنزل الملائكة تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى(6) ،وأنها خير من ألف شهر، وأنها سلام حتى مطلع الفجر.قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: (تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم) أي: يكثر تنـزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة ينـزلون مع تنـزل البركة والرحمة، كما يتنـزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق، تعظيماً له)((7)).فهي ليلة عظيمة اختارها الله تعالى لبدء تنـزيل القرآن، وعلى المسلم أن يعرف قدرها، ويحييها إيماناً وطمعاً في ثواب الله تعالى، لعل الله عز وجل أن يغفر له ما تقدم من ذنبه. وقد حذّر النبي r من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها لئلا يحرم المسلم من خيرها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم"((8)).وعلى الإنسان أن يكثر من الدعاء في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر. ويدعو بما أرشد إليه النبي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما قالت يا رسول الله: أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"((9)).قال ابن كثير رحمه الله: (ويستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات. وفي شهر رمضان أكثر. وفي العشر الأخير منه. ثم في أوتاره أكثر. والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني")((10)).وقوله (ليلة القدر) بسكون الدال إما من الشرف والمقام، كما يقال: فلان عظيم القدر، أي: الليلة الشريفة. وإما من التقدير والتدبير، أي: الليلة التي يكون فيها تقدير ما يجري في تلك السنة، كما قال تعالى: فيها يفرق كل أمر حكيم((11)).قال قتادة: يفرق فيها أمر السنة((12))، قال ابن القيم: وهذا هو الصحيح((13)) أ هـ، والظاهر أنه لا مانع من اعتبار المعنيين، والله أعلم.وقوله: (إيماناً) أي: إيماناً بالله، وبما أعد الله تعالى من الثواب للقائمين في هذه الليلة العظيمة، ومعنى (احتساباً) أي: للأجر وطلب الثوابليلة القدر هي ليلة العمر بحق ،خير من ألف شهرفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله r يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: "تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" وفي رواية: في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"((14)) (رواه البخاري، ومسلم).وفى مسند الإمام أَحْمَدُ: عنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ- - ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي مَنْ قَامَهُنَّ ابْتِغَاءَ حِسْبَتِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَهِيَ لَيْلَةٌ وَتْرٌ تِسْعٌ أَوْ سَبْعٌ أَوْ خَامِسَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ أَوْ آخِرُ لَيْلَةٍ"(15) في الحديث أمر المسلم بتحري ليلة القدر في العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم. وذلك بالقيام وإحياء الليل في طاعة الله تعالى.وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَتَأَهَّبُونَ لَهَا. فَكَانَ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ حُلَّةٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَلْبَسُهَا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يُرْجَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. وَكَانَ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ يَغْتَسِلانِ وَيَتَطَيَّبَانِ وَيَلْبَسَانِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمَا وَيُطَيِّبَانِ مَسَاجِدَهُمَا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(16). ومعنى: (يجاور) أي: يعتكف في المسجد. ومعنى (تحروا) أي: اطلبوا، قال في النهاية: (أي: تعمدوا طلبها فيها. والتحري: القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول)((17)) أ هـ.وقد دلت الأحاديث الثابتة على أن المسلم والمسلمة يتحرى ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر. فإن ضعف أو عجز عن طلبها في الأوتار، فلا تفوته ليلة القدر في أوتار السبع البواقي خمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وأٌقربها ليلة سبع وعشرين؛ لحديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال: والله إني لأعلم أي ليلة هي؟ هي الليلة التي أمرنا رسول الله r بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين((18)).وهذا الحديث فى صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها. باب النَّدب الأكيد إلى قيام ليلة القدر وبيان دليل من قال إنَّها ليلة سبع وعشرين وَقَالَ عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ: ذُقْتُ مَاءَ الْبَحْرِ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَوَجَدْتُهُ عَذْبًا(19).وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ "لَيْلَةَ الْقَدْرِ " تَكَرَّرَتْ فِي سُّورَةِ القدر ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَهِيَ تِسْعَةُ أَحْرُفٍ، وَالتِّسْعَةُ إِذَا كُرِّرَتْ ثَلاثًا كَانَتْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ(20). وهو كذلك حاصل ضرب تسعة فى ثلاثة يكون الناتج سبعة وعشرين فسواء جمعت ثلاث تسعات أو ضربتها تسعة فى ثلاثة يكون الناتج سبعة وعشرين وابن عباس – رضي الله عنهما – له قول آخر ودليل آخر في استنباط ليلة القدر أنها ليلة سبع وعشرين، وذلك أنه عد كلمات سورة القدر حتى انتهى إلى قوله هي فكانت كلمة " هي " هِيَ الْكَلْمَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ بين كلمات السورة الكريمة(21) ومجموع كلماتها كلها ثلاثون كلمة ، والضمير أعرف المعارف – كما يقول العلماء – هذا دليل أول عند ابن عباس – رضي الله عنهما - والثاني أَنَّ السَّبْعَةَ تَتَكَرَّرُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ، فالأرض سبع ، والسماء سبع ، والأيام سبعة ، والطواف سبع ،والسعي سبع ، ورمي الجمار سبع ، ويسجد الإنسان على سبع ، للحديث أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ..." وأعطى المصطفى صلوات الله وسلامه عليه من المثاني سبعا " أي سورة الفاتحة فهي سبع آيات ، ونهى الله تعالى في كتابه عن فى نكاح الأقربين عن سبع قال تعالى :" حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ .."(22) هؤلاء المحرمات بسبب القرابة وهناك أسباب أخرى وخلق الإنسان فى أطوار سبع لقوله تعالى :" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"(23) "، وطعام الإنسان من سبع لقوله تعالى "فلينظر الإنسان إلى طعامه.أنا صببنا الماء صببنا ثم شققنا الأرض شقا ، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً، وَعِنَباً وَقَضْباً، وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً، وَحَدَائِقَ غُلْباً، وَفَاكِهَةً وَأَبّاً(24).فذهب بهذا ابن عباس إلى أنها ليلة السابع والعشرين بهذا الاجتهاد وناهيك به علما وفهما وفقها ولا عجب فهو حبر الأمة وترجمان القرآن ودعا له رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فقال " اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل حتى قال عمر - رضي الله عنه – لابن عباس بعد هذا الاستنباط : لقد فطنت لأمر ما فطنا له(25).يقول الحافظ ابن رجب – رحمه الله تعالى – شارح صحيح البخاري وصاحب جامع العلوم والحكم شرح الأربعين النووية فى كتابه لطائف المعارف "ومما استدل به من رجح ليلة سبع وعشرين بالآيات والعلامات التي رأيت فيها قديما وحديثا وبما وقع فيها من إجابة الدعوات(26)وذكر أن رجلا مقعدا دعا الله ليلة سبع وعشرين فأطلقه وعن امرأة مقعدة كذلك وعن رجل بالبصرة كان أخرس ثلاثين سنة فدعا الله ليلة سبع وعشرين فأطلق لسانه فتكلم. وطاف بعض السلف ليلة سبع وعشرين بالبيت الحرام فرأى الملائكة في الهواء طائفين فوق رؤوس الناس، وبعدما ذكر الحافظ ابن رجب هذه اللطائف وآثار القدرة العجيبة ، والمنح الربانية والتجليات الرحمانية قال واعلم أن جميع هذه العلامات لا توجب القطع بليلة القدر"(27)قلت ذلك منه – رحمه الله تعالى ورع لكي يحرص المسلمون على إحياء كل الليالي فيدركوها حتما والله المسؤول أن يمن علينا بفضلها فهو خير مسؤول وخير مأمول.ولا تقف ليلة القدر عند ليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين – مثلاً – وفي آخر ليلة خمس وعشرين تبعاً لمشيئة الله تعالى وحكمته، والأحاديث تفيد ذلك((28)). وقد روى عن أبي قلابة – رحمه الله – أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر في وتر((29)) والله أعلم.الذي رفع تعيينها وتحديدها على سبيل القطع وبقي فضلها هذا ما عليه أهل السنة والجماعة أما الروافض فيقولون رفع كذلك فضلها وهذا باطل مردود وإلا فكيف يحثنا الرسول صلوات وسلامه علي تحريها إذا كان فضلها قد رفع كما رفع تعيينها،وقد رفع الله تعيين ليلة القدر بعدما تم تحديدها تماما على الأمة فلم تبق تحديدا وتعيينا كما أخفيت ساعة الجمعة. وساعة الإجابة من الليل ولله تعالى حكمة بالغة في إخفائها. ليتحراها المسلمون، ويجتهدوا في طلبها في سائر الليالي وتعلو همتهم ويشتدّ طلبهم، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ مَا لا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ كَانَ يَسْهَرُ لَيْلَهُ وَيَحْمِلُ كَلَّهُ فَيَشُدُّ مِئْزَرَهُ. إذ لو تيقنا أيّ ليلة هي، لتراخت العزائم طوال الشهر، واكتفى بإحياء تلك الليلة. فكان إخفاؤها مستدعياً قيام كلّ الشهر والاجتهاد في العشر الأواخر منه، بل العام كله حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه – من أقام الحول أدرك ليلة القدر " ووَاللَّهِ مَا يَغْلُو فِي طَلَبِهَا عَشْرٌ، لا وَاللَّهِ وَلا شَهْرٌ، لا وَاللَّهِ وَلا دَهْرٌ. فَاجْتَهِدُوا فِي الطَّلَبِ فَرُبَّ مُجْتَهِدٍ أَصَابَ(30). كما أن في إخفائها اختباراً للعباد ليتبين بذلك من كان جاداً في طلبها حريصاً على إحيائها إيماناً وطمعاً في أجرها. ممن كان كسلاناً متهاوناً لا يقيم لها وزناً. ففي إخفائها خير عظيم، يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه: خرج النبي r ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين. فقال "خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت. وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"((31)).ومعنى: (فتلاحى فلان وفلان) أي: وقعت بينهما ملاحاة. وهي المخاصمة والمنازعة والمشاتمة ورفع الأصوات، وذلك شؤم، ولهذا حرموا بركة ليلة القدر في تلك الليلة، وهذا مما سبق في علم الله تعالى. قال ابن كثير رحمه الله: (فيه استئناس لما يقال: إن المماراة تقطع الفائدة والعلم النافع. وكما جاء في الحديث: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"((32)).قلت وفيه الإشارة إلى خطر سوء ذات البين فهي الحالقة لا تحلق الشعر ولكن تحلق الدين كما في الحديثوقوله: (فرفعت) أي: رفع علم تعيينها لكم، لا رفعت بالكلية. لأنه قال بعد ذلك: (فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة).فعلى المسلم أن يحرص على نيل هذا الخير، بالعبادة والطاعة بألوانها في ليالي العشر من الصلاة والتلاوة والذكر والتضرع بالدعاء، والصدقة. وحضور صلاة التراويح وصلاة التهجد آخر الليل، ليدخل مع الإمام من أول الصلاة بخضوع وخشوع وذل وانكسار متأملاً في مواعظ القرآن متدبراً آياته يسأل عند آية الرحمة. ويتعوذ عند الآية التي فيها عذاب. وكل ما يستطيعه من الباقيات الصالحات. ولا يقصر في ذلك فما هي إلا ليالٍ معدودة يربح فيها الممتثل المطيع. ويخسر فيها العاصي المضيع.والعاقل يعرف قدر عمره وقيمة أنفاسه. فيغتنم ما يفوت استدراكه، ومن عرف شرف المواسم. وأوقات الفضائل اغتنمها.ومن طلب الحسناء أمهرهاوليلة القدر ليلة عامة لجميع من يطلبها ويبتغي خيرها وأجرها وما عند الله فيها، يحصل الثواب المرتب عليها لمن اتفق له أن قامها ووافقها. وإن لم يظهر له شيء من علاماتها. لا يشترط لحصولها رؤية شيء ولا سماعه. وقد يطلع الله عليها بعض عباده بأمارات يعرفونها بها، - كما مر معنا ما وقع لعَبْدَة بْن أَبِي لُبَابَةَ من عذوبة ماء البحر والأصل أنه ملح أجاج – ومن علاماتها كما فى الحديث " إِنَّ أَمَارَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا صَافِيَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا سَاكِنَةٌ صَاحِيَةٌ لا بَرْدَ فِيهَا وَلا حَرَّ، وَلا يَحِلُّ لِكَوْكَبٍ أَنْ يُرْمَى بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ "(33) وفى الحديث " اطْلُبُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَآخِرِ لَيْلَةٍ، وَهِيَ لَيْلَةٌ بَلْجَةٌ لا حَارَّةٌ وَلا بَارِدَةٌ وَلا يُرْمَى فِيهَا بِنَجْمٍ وَلا يَنْبَحُ فِيهَا كَلْبٌ"(34) وكما رأى الرسول لله أنه يسجد صبيحتها في ماء وطين((35))،هذا والدعاء فى هذه الليلة أفضل الأعمال فقد أمر الرسول صلوات الله وسلامه عليه عائشة – رضي الله عنها - بالدعاء فيها قال سفيان الثوري الدعاء في تلك الليلة أحب إلي من الصلاة ولا بدمن الاجتهاد فى نهارها كليلها فقد قال الشعبي في ليلة القدر: ليلها كنهارها وقال الشافعي في القديم: استحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها وهذا يقتضي استحباب الإجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره ، اللهم إنا بفضلك وحولك نسألك خير هذه الليلة فتحها ونصرها وبركتها ونورها وهداها اللهم ما قدرت فيها من خير فاجعل لنا منه أوفر الحظ ,وأكبر النصيب ، وما قدرت مما سوى ذلك فعافنا واعف عنا بوجهك الكريم ، هذا وبالله التوفيق ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل.ليلة القدر هي ليلة العمرهوامش:((1)) أخرجه البخاري (4/225)، ومسلم (957)((2)) سورة الدخان، الآية: 3، 4((3)) سورة القدر((4)) سورة البقرة، الآية: 185((5)) المرشد الوجيز لأبي شامة ص(115، 129)، التذكار للقرطبي ص23.(6) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 97) وعزاه إلى الإمام أحمد((7)) تفسير ابن كثير (8/465)((8)) سبق تخريجه أول الكتاب((9)) رواه الترمذي (3513) وابن ماجة (3580)، وأحمد (6/171، 182، 183، 208) والنسائي في عمل اليوم والليلة. ص499، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.((10)) تفسير ابن كثير (8/472)((11)) سورة الدخان، الآية: 4((12)) أخرجه الطبري في تفسيره (25/65) والبيهقي في "فضائل الأوقات" ص216، وإسناده صحيح((13)) شفاء العليل لابن القيم 42((14)) أخرجه البخاري (4/259)، مسلم (1169).(15) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 96)(16) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 98)((17)) النهاية لابن الأثير (1/376)((18)) رواه مسلم (762)(19) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 96)(20) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 96)(21) (قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد 2/ 249)(22) النساء:23(23) المؤمنون:12- 14(24) عبس: 27, 31(25) (لطائف المعارف لابن رجب ص: 201)(26) (لطائف المعارف لابن رجب ص: 203)(27) (لطائف المعارف لابن رجب ص: 203)((28)) انظر: المفهم للقرطبي (3/251) فتح الباري (4/265)، رسالة العراقي: (شرح الصدر بذكر ليلة القدر ص48).((29)) أخرجه عبد الرازق (4/252)، وابن أبي شيبة (3/76) وأخرجه الترمذي (3/159) عن عبد بن حميد عن عبد الرازق.(30) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 98)((31)) رواه البخاري (4/267).((32)) تفسير ابن كثير (8/471) وأما الحديث فهو جزء من حديث راجع له السلسلة الصحيحة للألباني رقم 154.(33) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 96)(34) (التبصرة لابن الجوزي 2/ 97)((35)) أخرجه مسلم (1168) من حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، وورد أيضاً من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عند مسلم أيضاً.