14 سبتمبر 2025
تسجيليهتم رجال الإدارة والتدريب وأصحاب الأعمال والمديرون بما يسمى "الروح المعنوية" للعاملين، ومبعث هذا الاهتمام من تلك الفئات المتعددة التي ذكرناها يختلف من فئة إلى أخرى تبعاً لهدف كل فئة من معرفة كنه تلك "الروح المعنوية". فأصحاب الأعمال يعنيهم ارتفاع الروح المعنوية عند العاملين لتحقيق مزيد من الأرباح لمؤسساتهم، والمديرون يبحثون عن ارتفاع الروح المعنوية لدى العاملين لإشباع شعورهم النفسي بأنهم مقبولون ومحبوبون وليسوا مصدر إزعاج وتوتر، والمدربون يبحثون عن أسرار "الروح المعنوية" ليفقهوا حقيقتها، ويضعوا البرامج الدقيقة لتنميتها وتحسينها.. إلخ. متاهات تعريفية لو أن القارئ العزيز التمس تعريفاً للروح المعنوية في كتب علماء الإدارة وعلماء النفس المعنيين بالسلوك الإنساني، لألقى بنفسه في بحر لجِّي من التعريفات التي تأخذ بعقله ذات اليمين وذات الشمال حتى يشعر بالدوار دون أن يخرج منها بما يشفي الغليل، لذلك سنعرض عن حرفية تلك التعريفات التي اختلفت مشارب واضعيها فتعددت وتنوعت وسنجملها في مجموعة عامة من الاتجاهات: الاتجاه الأول: تعريف الروح المعنوية للعاملين على أساس شخصي، وأصحابه يعبرون عن ارتفاع الروح المعنوية لدى العامل إذا كان: 1- يشعر بالسعادة في عمله. 2- قادراً على التكيف مع زملائه. 3- لا يثير المتاعب لرؤسائه وأقرانه ومرؤوسيه. الاتجاه الثاني: وأصحابه يعرفون الروح المعنوية على أسس موضوعية ترتبط بالجو العام للعمل، وليس بالعاملين كأفراد، فمثلا: 1- يظهر ارتفاع الروح المعنوية لدى العاملين إذا انعدمت الخلافات بينهم. 2- وإذا ساد الجميع شعور بالارتياح والرضا. 3- قلة الشكاوى الحقيقية والكيدية. 4- انخفاض معدلات غياب العاملين. 5- قلة طلبات النقل إلى خارج المؤسسة. 6- انخفاض حالات التعدي والعنف داخل المؤسسة. الاتجاه الثالث: والاتجاه الثالث يعبر أصحابه عن ارتفاع الروح المعنوية لدى العاملين من خلال مؤشرات الإنجاز الحقيقي المتمثل في: 1- زيادة الإنتاج يوماً بعد يوم 2- التحسن الملحوظ في مستوى الإنتاج. 3- مشاركة الجميع في الأنشطة الاجتماعية وبخاصة في الأنشطة التي تكون المشاركة فيها اختيارية. 4- تقبل العاملين لكل تطوير وتغيير في المؤسسة بروح طيبة من الترحيب والسرور. 5- قلة الصراعات على المناصب الأعلى. وللخروج من متاهات التعريفات المنهجية يمكننا أن نقدم تصوراً إجمالياً لأهم ما تضمنته من عناصر بحيث نتصور –من خلاله - الروح المعنوية للعاملين عبر شكلين: الأول: شعور العاملين بالرضا التام عن عملهم والتحمس له. الثاني: انعدام المشكلات النفسية والإدارية في مناخ العمل. مؤشرات الروح المعنوية وإذا أراد أصحاب الأعمال والمديرون وخبراء التدريب قياس الروح المعنوية فإن أمامهم أسلوبين شائعين: الأول: قياس اتجاهات العاملين نحو العمل، وهناك مقاييس علمية عديدة لقياس الاتجاهات يعتمد بعضها على المقابلات الشخصية المباشرة بهدف جمع المعلومات عبر لقاءات رسمية أو غير رسمية مع العاملين وسؤالهم عما يشعرون به أثناء عملهم ويشترط لنجاح قياس الاتجاهات أن يكون القائمون بتنفيذه مدربين أكفاء يحسنون إجراء المقابلات بحيادية تامة وأمانة مطلقة في تسجيل الاستجابات الصادرة عن المفحوصين ويشفعون ذلك بتدوين انطباعاتهم الشخصية عن المقابلات. وفي حالات خاصة يمكن أن تحل الاستبيانات المقننة المطبوعة محل المقابلات الشخصية المفتوحة، شريطة أن تتوفر للاستبيانات عوامل الصدق والثبات، وأن تتميز عباراتها باللغة الواضحة الخالية من الإيحاءات أو التي تحتمل أكثر من معنى، أو المصوغة صياغة منحازة. الثاني: قياس الروح المعنوية – بعيداً عن المؤثرات النفسية المرتبطة حتماً بالمقابلات الشخصية المباشرة أو الاستبيانات - من خلال الوثائق المكتبية الروتينية المتاحة مثل: 1- طلبات الحصول على إجازات عارضة أو اعتيادية بصورة مبالغ فيها عن الحدود الإنسانية المعتادة. 2- ترك العمل دون إذن. 3- الشكاوى الحقيقية أو الكيدية ضد الزملاء. 4- شكاوى الجمهور المتعامل مع المؤسسة من بعض العاملين. 5- معدلات تعطل الأجهزة والآلات في محيط العمل. 6- طلبات النقل خارج المؤسسة وداخلها. 7- تكرار توقيع الجزاءات على العاملين. 8- تحسن الإنتاج. 9- زيادة الطلب على الإنتاج. 10- انعدام – أو قلة - ممارسة العنف بين العاملين. 11- قلة الإصابات المتعلقة بالأمن الصناعي. أساليب رفع الروح المعنوية: بعد اللجوء إلى أحد الأسلوبين السالف ذكرهما وظهور حاجة لدى المؤسسة لرفع معنويات العاملين بها يمكن اللجوء إلى أسلوب أو أكثر من الأساليب التالية لعلاج هذا الموقف ورفع معنويات العاملين بها فمن هذه الأساليب: 1- الأجر: فالأجر يجب أن يشبع حاجات الموظف أو العامل الفسيولوجية. ويجب أن يكون تقييم أجر العامل أو الموظف على أساس علمي موضوعي. والكثير من العاملين لا يهمهم الأجر نفسه بقدر ما يهمهم العدالة في الأجر. وطرق دفع الأجر قد تسبب رضا أو عدم رضا العاملين عن العمل. فمثلاً الأجر الشهري الثابت قد يرضى عنه قلة من الموظفين "التنابلة" حيث يرى هؤلاء الموظفون أنهم يتساوون مع الموظفين المجددين والمجدين في عملهم. ولكن هذه الطريقة في دفع الأجر لا ترضي مجموعة من العمال المهرة المخلصين في عملهم، لأنهم يريدون أن تحسب أجورهم على أساس إنجازهم وإنتاجهم لا على أساس عدد الساعات التي يقضونها في العمل. 2- وضع العامل أو الموظف في العمل أو الوظيفة التي تناسبه. ولعل من أهم الأمور التي تسبب الرضا المهني للعامل أو الموظف أن يجد نفسه يقوم بعمل يناسب قدراته وميوله وخبراته وشخصيته وظروفه. فالعامل أو الموظف يمكنه في هذه الحالة النجاح في عمله والتقدم فيه وإثبات وتحقيق ذاته. 3- محتوى العمل: فالرضا المهني يتحقق إذا اتفق محتوى العمل مع قدرات وميول وخبرات العامل فمثلاً الموظف الذي يتمتع بمستوى قدرة عقلية مرتفعة يكون راضيا عن عمله إذا مكنه هذا العمل من استغلال طاقاته العقلية ومواهبه وخبراته. في حين قد يرضى عامل أو موظف آخر محدود القدرة العقلية عن عمل محدود في محتواه ويؤدي بأسلوب روتيني متكرر. 4- فرص التقدم والترقية: فكل فرد لديه حاجة للتقدم والنجاح، لذلك عادة ما يكون العاملون أكثر رضا عن الأعمال التي تضمن لهم فرصة التقدم والترقي. على أن يكون هناك طريق واضح ومحدد في العمل يضمن للمجتهد التقدم والترقية مستقبلاً. ومن المهم لزيادة الرضا عن العمل بالنسبة للموظف أو العامل أن يعرف ويخطر بمدى تقدمه في العمل أولاً بأول. 5- الإشراف: فالأفراد عادة ما يكونون أكثر رضا عن الأعمال التي ليس فيها إشراف لصيق، لأن العامل يريد أن يشعر بحريته في العمل، ولا يريد إشرافاً دقيقاً يحد من حريته في الحركة والتصرف. وليس معنى ذلك إلغاء الإشراف بالإشراف ضروري لحسن سير أي عمل وتوجيهه، على شرط أن يكون المشرف يمتلك خبرات ومهارات الإشراف: الفنية والإنسانية. وفي الوقت نفسه قد نجد بعض العاملين الذين يرضيهم في العمل وجود المشرف دائماً بالقرب منهم يرشدهم ويوجههم ويتخذ لهم القرارات المهمة في العمل. 6- بيئة العمل المناسبة: وبيئة العمل المادية والاجتماعية لها تأثيرها الكبير على رضا العاملين عن العمل. وكلما كانت هذه البيئة مناسبة للعامل أو الموظف كلما حقق له هذا قدراً من الرضا المهني. ويقصد بالبيئة المادية المكان الذي يؤدي فيه العمل والأثاث المكتبي والآلات والأدوات ووسائل التهوية والإضاءة.. إلخ، وكلما كانت بيئة العمل المادية مناسبة ومريحة للعامل كلما قربه هذا من الرضا عن العمل. وهناك بجانب البيئة المادية، البيئة الاجتماعية للعمل وهي هامة جداً ولها تأثير كبير على الرضا عن العمل بين صفوف العاملين. 7- ساعات العمل: أثبتت الدراسات والبحوث أن ساعات العمل لها تأثيرها على الرضا المهني. فمثلاً ساعات العمل المعقولة مع فترات راحة مناسبة أثناء يوم العمل مع إجازات أسبوعية أو سنوية يروح فيها العامل أو الموظف عن نفسه، تؤدي إلى قدر من الرضا عن العمل. وذلك بعكس ساعات العمل الطويلة المرهقة وغير المنتظمة أو العمل الذي يؤدى في أي وقت من الليل أو النهار، مثل هذه الأعمال قد تسبب عدم الرضا عن العمل. ولكن يمكن مواجهة هذا الأثر السالب لسوء تنظيم ساعات العمل وذلك بأن يشبع العمل العامل مادياً وعقلياً واجتماعياً مع توفير ظروف عمل مناسبة.. إلخ. فهذه الإشباعات التي يحققها العمل تجعل العامل يتقبل ساعات العمل الطويلة والموزعة توزيعاً لا يناسب العامل.