16 سبتمبر 2025
تسجيلفي مجلس رمضاني فاجأني صاحبه بمجرد دخولي مجلسه وهو يضم مجموعة من المتابعين لأحداث العالم العربي بقوله ماذا يجري في مصر؟ قلت: أليست الأحداث في سوريا أهم مما يجري في مصر وكذلك ما يجري في الخليج العربي من تهديد ووعيد والسودان واليمن وأيضا تونس وليبيا ولا أنسى الجزائر والمغرب وفلسطين وشأن بيت المقدس ولا تنسوا مينمار وما يجري للمسلمين هناك من هلاك ولا مغيث لهم من المسلمين، ولو أن يهوديا قتل في أقصى الأرض لضجت الدنيا وسارعوا كلهم لنجدة ذلك اليهودي كما تسارعوا لنجدة التماثيل البوذية في أفغانستان من التدمير. قال أحد الرواد: العالم العربي مضطرب والبداية لإصلاحه تقتضي تضافر الجهود العربية لإخراج مصر من المأزق الذي تعيشه والصراع بين العسكر من ناحية والإسلاميين من ناحية، وكذلك بين الإسلاميين وبقية الأحزاب والمنظمات السياسية الأخرى. قال آخر: وهل تعتقد أن الدول العربية القادرة على عون مصر للخروج من مأزقها السياسي اليوم تحدوها الرغبة في ذلك؟ وقال آخر بعد أن ضيعنا العراق في ليلة مظلمة وبدأنا نشهد إغراق سوريا الحبيبة في بحر من الدماء لم يبق إلا السعودية تلعب الدور، وأثار متابع آخر سؤالا: هل ترغب السعودية في لعب الدور الإيجابي في هذه المسألة؟ قلت لرواد ذلك المجلس الكريم: أثرتم سؤالا وتبحثون عن الإجابة لكن المسألة شائكة كما ترون ولا يمكن فصل واحدة عن الأخرى لكن دعونا نبدأ بصر العزيزة. هناك صراع بين العسكر والساسة من المدنيين الأول يريد أن يكرس مكتسباته السياسية والاقتصادية ويثبتها كنصوص دستورية يصعب نقضها محتميا بمجموعة من المشتغلين بالقضاء واللذين هم في هرم السلطة القائمة بيد العسكر، والطرف الثاني يريد ترسيخ الدولة المدنية ولو بمفاهيم دينية. رئيس الجمهورية تم انتخابه من قبل الشعب دون تزوير كما تقول المصادر المصرية حتى الآن لكن تصنيفه إسلامي أي أنه ينتمي إلى حزب الحرية والعدالة ويروج المعارضون للإسلاميين بأنهم عندما يتمكن الإسلاميون من السلطة فإنهم سيعزلون الكل ويؤسلمون قوانين ونظم الدولة ويستولون على جميع المناصب. في اعتقادي أن أمر أسلمة القوانين واللوائح والنظم في مصر أمر في غاية الصعوبة لسبب واحد أن مصر مجتمع يتشكل من كل الثقافات الإنسانية بما فيها الأديان وأن أمر تطبيق الحدود الشرعية الإسلامية كما كانت في صدر الإسلام أمر ليس من السهل تطبيقه ويقيني أن القيادات العليا في التيار الإسلامي في مصر تدرك ذلك أكثر من غيرها، كما هو الحال في تونس وحزب النهضة، ولكن لا ننكر أن هناك تيارا إسلاميا أحلامه تصل إلى بناء دولة الخلافة العمرية، وهذا أمر مستحيل في عصرنا الراهن. أما ما يتعلق بتوزيع المناصب القيادية بين أعضاء الحزب الفائز في الانتخابات خاصة في المفاصل المهمة فهذا إجراء معمول به في كل الدول المتحضرة، بريطانيا مثلا إذا فاز حزب العمال في الانتخابات فإنه يشكل الحكومة من أعضاء حزبه خاصة الوزارات السيادية ولا يستثني الأحزاب الأخرى وتتشكل المعارضة من الأحزاب الأخرى، لكنها معارضة ليست معطلة وإنما مكملة للرقابة على أداء الحكومة. في أمريكا إذا فاز الحزب الجمهوري مثلا فإن أغلبية موظفي الدولة الاتحادية سيكونون من الحزب الفائز في الانتخابات ويقبل بذلك الشكل المجتمع السياسي، في تلك الدول الحزب الآخر يكون حزبا معارضا لبعض السياسات الحكومية لكنه لا يقف ضد نجاح الحزب الأول. في مصر الصورة مختلفة "حزب الحرية والعدالة" فاز في الانتخابات ولكن ليس مسموحا له أن يشكل حكومة تنسجم والبرنامج الانتخابي الذي قدمه الحزب وعلى إثره انتخب محمد مرسي رئيسا للجمهورية. سؤالي إذا كان العسكر في مصر حريصين على أمن مصر واستقرارها وإذا كانت الأحزاب السياسية هناك حريصة على تقدم مصر وأمنها وخدمة الشعب المصري المظلوم فلماذا لا يتفقون على حكم مصر لمدة أربع أو خمس سنوات للحزب الفائز في الانتخابات ونعينه لتحقيق أهدافه لإسعاد مصر طبقا للبرنامج الانتخابي ولا يمنع من المعارضة لبعض برامجه بطرق سلمية ديمقراطية دون إعاقة المسيرة؟ لا أنكر أن الحركة الإسلامية في مصر اليوم تخيف الكثيرين من الشعب المصري على مستقبلهم ومستقبل أولادهم من كثرة التصريحات المتشنجة كما القول بإغلاق جميع المرافق السياحية المخالفة للتعاليم الإسلامية، والقول بأسلمة مناهج التعليم، والقول بقرب تطبيق الحدود الدينية الإسلامية، وأقوال أخرى تخيف الكثير داخل مصر وخارجها. أخيرا لم يسعفنا الوقت لمتابعة الحوار في القضايا الأخرى التي لا تقل أهمية عن شأن مصر وما يدور على أرضها وما يحاك ضدها من مؤامرات من داخل المجتمع المصري ومن خارجه. آخر القول: يا معشر التيار الإسلامي في كل مكان خاطبونا بقوله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا"، ولا تخاطبونا بقوله عز وجل "قل يا أيها الكافرون".