12 سبتمبر 2025
تسجيلخلال زيارات عدة لي لعدد من المجمعات الطبية الخاصة، اضطررت للقيام بها، إما لعمل جلسات علاج طبيعي أو مراجعة أطباء الأسنان، لاحظت أنها اشتركت في عدة ملاحظات تتعلق بموضوع جودة الهواء الداخلي. من أهمها أنها جميعاً تستخدم معطرات جو تزكم رائحة الانف من شدتها، وأنها لا يوجد بها أنظمة مركزية لتكييف وتبريد الهواء، حيث إنها تعتمد على وحدات السبلت للتبريد والتي لا توفر هواء متجدداً ضرورياً لتحسين جودة الهواء الداخلي بها. من خلال مقالي هذا اردت إلقاء الضوء على خطورة استخدام هذه المعطرات، وبالذات في هذه المجمعات الطبية لخصوصية وضعها. وضرورة توفير أنظمة تهوية مركزية تزود هذه المجمعات بالهواء النقي وطريقة فعالة لمعالجته. وإيصال رسالة للجهة المرخصة لهذه المجمعات الطبية ومن في حكمها لأخذ ما تراه من إجراءات لحماية صحة المرضى والموظفين. الأدلة العلمية التي تربط بين التعرض لهواء ملوث وبين عدة أمراض ووفيات ناجمة عن أمراض القلب والجهاز التنفسي وسرطان الرئة وغيرها كثيرة. والمجمعات الطبية ومن في حكمها تعتبر بيئات معقدة وحساسة بشكل خاص، حيث إنها تستوعب العديد من الأنشطة الطبية المختلفة. وإذا أضفنا الأعداد الكبيرة من المرضى والذين ينتج عنهم تعليق الميكروبات المسببة للأمراض في الهواء، حيث ينتقل المرض من خلال السعال والعطس والتحدث. فتكون نتيجة ذلك احتواء الهواء على مزيج معقد من المركبات الكيميائية والجسيمات الميكروبيولوجية. وحيث إن هذه المجمعات لا بد أن تأخذ تدابير للنظافة وسياسات مكافحة العدوى بصرامة، فيأتي مع ذلك تركيزات مرتفعة من كيماويات التنظيف القاسية التي تؤدي إلى الانبعاث المباشر للمواد الكيميائية أثناء التطهير. وإذا كانت المجمعات الطبية توفر الخدمة على مدار الساعة، فإنه لا يوجد وقت للتعافي من هذه الانبعاثات فإن وضع جودة الهواء بداخلها سوف يكون أكثر سوءاً. وعند قيام هذه المجمعات باستخدام معطرات الجو والتي تجعلك تشعر لوهلة برائحة نابضة بالحياة، ولكنها في الحقيقة تأتي مع مخاطر قاتلة على صحة الإنسان. ذلك أن النظافة حقا لن تكون في الواقع رائحة، لأن الرائحة ناتجة عن مادة كيميائية. هذه المعطرات تحتوي على سموم تلوث جودة الهواء الداخلي، لأن العديد من معطرات الجو تعتمد على المواد الكيميائية لتوليد الروائح وجعلها باقية في الهواء.ومعطرات الجو تعتبر من بين فئة أوسع من المنتجات اليومية التي يقول عنها العلماء إنها محملة بمواد كيميائية لديها القدرة على التسبب في اضطرابات الهرمونية ومشاكل في الجهاز التنفسي. ويمكن أن تتفاعل هذه المواد الكيميائية مع المركبات الموجودة بشكل طبيعي في هواء المجمعات الطبية لتشكل ملوثات ثانوية أكثر خطورة تؤدي إلى تدهور جودة الهواء الداخلي بها. وفي الختام، يعد الحفاظ على جودة الهواء الداخلي في منشآت الرعاية الصحية عملا جادا، حيث يقع على عاتق هذه المجمعات تكريس الموارد الكبيرة للتأكد من أن لديهم أنظمة تهوية وتكييف فعالة لتقليل المخاطر. وكذلك يقع على عاتق الجهات المرخصة لهذه المجمعات التأكد من تقييم وإدارة هذا الخطر الغير مرئي، حيث تتطلب هذه البيئات المعقدة مراقبة جودة الهواء الداخلي بشكل فعال مع ضرورة مراقبة وانفاذ القوانين الملزمة بتطبيق معايير جودة الداخلي بها.