13 سبتمبر 2025

تسجيل

بُعــد نظـر لـدولـة قطــر

31 مايو 2022

حينما أخبرناكم بأن قطر تمتلك نظرة للأبعد فهذا لم يكن حديثا عابرا أو وصفا في غير محله ولكن لأن الدوحة باتت لاعبة أساسية في السياسة ودخلت بثقلها الدبلوماسي في كثير من القضايا إما كوسيط نزيه يلجأ لوساطته المتنازعون أو كطرف متمكن في هذه القضايا التي يمكن أن تمس الدوحة بأي شكل من الأشكال ومن هذه القضايا قضية أفغانستان التي ظلت مطحونة تحت الحرب الأمريكية لمدة تقارب عشرين عاما سقطت فيها حركة طالبان التي كانت مسيطرة تماما على مفاصل البلاد والعباد وظلت طرفا منبوذا حاولت واشنطن بشتى الطرق أن تقضي عليها تماما حتى تدرج موقعها فباتت طرفا لا يستهان فيه في الحرب ترد الواحدة بالواحدة والهجمة بالثانية حتى وصلت لتكون حاضرة على طاولة الحوار والمباحثات والنقاشات مع الطرف الأمريكي والتباحث معها حول قضايا الأسرى سواء المنتسبين لها بحوزة الأمريكيين أو فيما يتعلق بالأسرى الأمريكيين الذين كانوا تحت قبضة طالبان وانتهت هذه الحرب لربما على غير ما أرادت الولايات المتحدة لكنها بلاشك قضت فصولها على ما اشتهت طالبان التي عادت لسدة الحكم بعد عقدين من الزمان كانت أفغانستان تتجه لمسارات مختلفة من الانفتاح الذي لم يتجاوز كونها بلدا مسلما وملتزما حتى وصل الطالبانيون لقصر الرئاسة الذي غادره الرئيس السابق وحكومته ووزراؤه فارين بأنفسهم من الانتقام الطالباني أو كما وصفوه لاحقا وهذا كله لم يتحقق لولا الوساطة القطرية والمباحثات الأفغانية الأمريكية التي دارت رحاها في العاصمة القطرية الدوحة للوصول إلى حلول وسط لإرضاء الطرفين إلى ما يريده الأمريكيون في الانسحاب الآمن وإعادة أسراهم بينما قضت طالبان بأنها الأحق بالسلطة بعد هذا الانسحاب وبالفعل نجحت الدوحة في تقريب وجهات النظر وتبدأ سلطة طالبان بممارسة قوانينها وأحكامها ولكنها حتى الآن تعيش عزلة سياسية وبعيدة كل البعد عن التعاطي سواء مع الغرب المتوجس منها خيفة نظرا لتاريخها المشوب بعلاقتها الوثيقة آنذاك بتنظيم القاعدة ومن العرب الذين لا يرون بأسا في تنحية علاقاتهم عنها وحتى الآن ورغم مباركة العالم لانتزاع فتيل الحرب من هذا البلد المهدور إنسانيا واقتصاديا والثناء على قطر قدرتها على جمع المتخاصمين على أرضها فإن أفغانستان بقيادة طالبان حتى الآن اقتصرت علاقاتها بالعالم الخارجي من خلال وكالات الغوث الإنسانية الدولية كجزء من مساهمة المجتمع الدولي لهذا البلد لأن ينهض إنسانيا ولا أقول اقتصاديا نظرا لعدم وجود اعتراف رسمي دولي بهذه الحكومة يمكن بعدها أن توقع الاتفاقيات ويتم التعاطي مع طالبان كحكومة شرعية لأفغانستان وهذا ما جاء على لسان وزير خارجية قطر سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي دعا الغرب لأن يمد يد التواصل مع طالبان كحكومة معترف بها لأفغانستان لكي لا تعود أكثر إلى ما أسماه التطرف ولا شك أن هذا الانعزال يمكن فعلا أن يضاعف من أن تعود كابول لعصور طالبان التي كانت قبل عشرين عاما من الآن ولن تجعل منها بلدا سليما من الداخل وعبر عن ذلك سعادته بقوله (أننا سنبدأ في رؤية أزمة اقتصادية بدأت بالفعل وهذا سيؤدي فقط إلى دفع الناس إلى المزيد من التطرف والصراع وهذا ما نحاول تجنبه) منتقدا في الوقت نفسه الخطوات التي تقيد حريات المرأة في أفغانستان وما اتخذتها طالبان حتى الآن من خطوات تقيد حرية المرأة وممارسة حقوقها بأي مجال يمكن أن تكون لها بصمة فيه دون المساس بالتزامها المنصوص عليه في الدين والتشريع ورغم هذا فإن دعوة قطر للغرب للتعاطي مع أفغانستان يمكن فعلا أن يضيق دائرة مخاوف الأول تجاه طالبان لأن كل ما يمكن فعله سيكون وفق مراقبة واتفاق وشكليات تأخذ صفة الرسمية وسوف تواصل قطر دفعها لحكومة طالبان بأن تأخذ شكلا لينا في تعاطيها مع الغرب لكن كل هذا لن يتحقق ما لم يعترف هذا العالم بشرعية طالبان التي يجب أن تأخذ منهجا سلطويا يختلف عما تنتهجه حاليا وإلا فإن ما تنبأت به الدوحة يمكن أن يكون فاعلا وحاضرا وحينها لا يمكن لملمة اللبن المسكوب ولا البكاء عليه !. ‏[email protected] @ebtesam777