14 سبتمبر 2025
تسجيلمعظم مشاكلنا اليوم تكمن في تعالينا، نتعالى عن معظم الأمور دون أن نشعر أو لربما نخاف من التشكيك في أنفسنا.. نعلم ان تمايز عقولنا ومواردنا ومعايشنا أمر طبيعي فنسمح لأنفسنا تلقائيا بالتعالي والتفاخر. فقائم الليل يظن بأنه الأقرب لربه، ويظن القارئ بأنه المثقف الفقيه المنير، والكاتب بأنه الأعقل، والمتعلم يرفع نفسه ليرى مَن دونِه جاهل. التعالي يُعرقل، يُفسد، يُذهب بريق الأمر، ويُطفئ بهجته في نفوسنا قبل كل شيء، والحالُ أنه لا يُسمح لنا حتى بمجرد التفكير بأفضلية هذا عن هذا. لا أعلم تحديدا من أي نقص تنبع هذه الرفعة المتعالية، ولكن نعلم أن التواضع نعمة عظيمة أورثها الله للأنبياء والصالحين، وأن التكبر بلاء عظيم يظهر خفاء عيوبنا ويخفيها عن أنفسنا أولًا، ألا تحل هذه الثغرات والمنحدرات؟ لربما تحل إذا أيقنا دائما أننا لسنا إلا براعم صغيرة لا تملك سوى نواياها وإخلاصها، ألن تضاعف أجورنا في كل صغيرة وكبيرة؟ ألن تنبت السنبلة مائة حبة؟ حينها لن تُعظِم ظنوننا وعقولنا تلك الأمور لتهدرها، بل فيها تُعظَم أعمالنا وعندها ترفع إلى الرفعة الحقيقية. فإن كان الصمت أو عدم المجاهرة حلاً لقطع حبال التفاخر والتعالي والظنون فليُفعل بكل هدوء، وليمارس، وليسير الطريق دون أدنى منحدر. قد نفخر بأفعالنا أحيانا لحد التعالي، ولكن سرعان ما يفيق الانسان من ظلمة هذا الشعور بفضل الله ليعي الفرق بين الشعور بالفخر والتفاخر. (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ) ففي النهاية من أنا؟ ومن أنت؟ ومن نحن؟ فبأي معيار نتفاضل فوق التراب! إنما الأمر بالتقوى في يوم توفى فيه النفوس صنعها ونواياها. فلا تغُرنكُم أعمالكم وأنفسكم، بل لنضعها كنقطة بين السماوات والأرض ولنعيد النظر. طالبة في جامعه قطر