11 سبتمبر 2025

تسجيل

السنـوار المغــوار!

31 مايو 2021

يحيى السنوار ربما لم يكن هذا الشخص معروفا لدى الكثيرين ممن تابعوا أحداث غزة الأخيرة وعدوان إسرائيل الآثم على هذا القطاع المحاصر، وربما كان الأغلب لا يعرف سوى خالد مشعل واسماعيل هنية قادة لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، لكن العدوان الأخير لقوات الاحتلال الإسرائيلية بجانب سيئاته ودماره وما نتج عنه من قتل وهدم ودم وغارات أضاءت سماء غزة فقتلت ما يزيد على 162 طفلا من بين شهدائها، أبرز لنا اسم يحيى السنوار الذي خرج فور توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى شوارع غزة المهدمة، ليعقد مؤتمرا صحفيا كانت صفته الرسمية فيه رئيس حركة حماس، ويعلن أن الغارات الإسرائيلية ما هدمت سوى بنيان، ولم تقتل سوى أجساد، ولكن روح الفلسطيني الصامدة والروح الأبية ما كان لكيان مثل إسرائيل أن ينال منها ولو بأنملة، وقال قبيل إنهاء مؤتمره إنه سيكون بعد 60 دقيقة من المؤتمر في شوارع غزة ماشيا على قدميه، دون أي حماية، فوقه سماء غزة وتحته ترابها، متحديا استخبارات العدو المحتل من أن ترصد تحركاته المكشوفة بطبيعة الحال، وتوعز بقتله علنا وأمام الملأ، وبالفعل كان السنوار في شوارع غزة المدمرة أعزل، يسير بين الطرقات يحيي أهل مدينته الصامدة، ويحيي صلابتهم ووطنيتهم حتى وصل إلى عراء منزله الذي قصفته طائرات إسرائيل بغية اغتياله، وجلس على كرسي مكتبه المدفون تحت الركام، ووضع ساقا فوق ساق، وابتسم ابتسامة الانتصار التي لم تخف على العالم، وبالأخص الاستخبارات الإسرائيلية التي وصفت الصورة بالهزيمة الساحقة لإسرائيل، بينما وصفتها صحيفة يديعوت أحرونوت بأن جلوس السنوار بهذا الشكل المتباهي جدا على كرسي مكتبه المهدم وفي العراء وأمام العالم بأن السنوار لا يبدو في مزاج الخاضع لوقف إطلاق النار، فالرجل يتحدث بنبرة عالية وبالتهديد والوعيد، وإن كانت ابتسامته الواثقة تدل على أمور أكثر من هذه وأشد!. ورغم المخاوف الإسرائيلية بظهور السنوار بهذا الشكل الواثق الذي دمر أي شعور بالنصر الزائف لدى الإسرائيليين، وهز ثقتهم بحكومتهم التي وافقت أولا ومن جانب واحد على وقف إطلاق النار، إلا أن السنوار يعلم بأنه إلى جانب رئيس أركان كتائب عز الدين القسام محمد الضيف الهدفان الرئيسيان المستهدفان بصورة أكبر لدى الاستخبارات الإسرائيلية، وان الموساد لن يمل ولن يكل إلا باغتيالهما عاجلا أم آجلا، وان تل أبيب ستكون أول من يخل بشروط اتفاق وقف إطلاق النار، كما هو عهدها في نقض العهود، وانها إذا فشلت اليوم في استهداف حياته، كما كانت تأمل بقصف منزله، فإنها سوف تعاود الكرة ثانيا وثالثا، ولن تيأس كما فعلت مع رؤوس قيادية لحركات المقاومة الفلسطينية التي نجحت في اغتيالهم بدم بارد، ولكن اعتراف الاستخبارات الإسرائيلية بالهزيمة بعد مشاهدة السنوار وهو يترجل من سيارته على قدميه ويجلس بعنفوان وعزة على كرسي مكتبه الذي كان قبل دقائق متكوما تحت الركام، هو بحد ذاته اعتراف بأن الفلسطينيين ينتصرون دون سلاح يشابه أسلحتهم، ويفوزون رغم تواضع إمكانياتهم العسكرية، وأن الصدور العارية التي يتمترس بها الفلسطينيون أمام غارات إسرائيل صدور صلبة ومتينة وضد الكسر والرصاص، وان أصابها الرصاص ونزف منها ما يمكن أن يموت منه أي شعب، ولكن شعب غزة يزيده إصرارا على أن هذا الدم ما هو إلا سقيا مباركة لأرضه التي سوف تتحرر يوما، وإن تقاعس العرب، ولكن السنوار أعاد للأذهان ماذا يعني أن يكون القائد بين شعبه، وليس محميا خلف عازل ضد الرصاص ويسكن القصور ويعيش في المهجر، بينما شعبه يكتوي بالنار ويواجه الموت ببسالة، بينما نكتفي نحن بالمشاهدة والدعاء وفي أفضل الأحوال بالاستنكار وكفى الله العرب شر المواجهة!. ‏[email protected] ‏@ebtesam777