23 سبتمبر 2025
تسجيلمقولة نسترجعها اليوم في ذاكرتنا " الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يدركها إلا المرضى " نرددها ونحن نعيش أجواءً استثنائية من الألم والخوف، سمعنا عن حدوثها في القرون والسنوات الماضية، ولم نعهدها ولم نعشها كما نحن الآن. الألم هو سيد الموقف الذي يصاحبنا اليوم مع بداية انتشار وباء "كورونا "، البعض يعتقد أنه مصاب، والبعض يكون مصاباً ولا يدرك أنه مصابٌ، والبعض وقع فريسة الوباء فحُجر عليه، ومعه نبحث الآن عن الصحة، لا غنى يبهرنا، ولا قصور تجذبنا، ولا سياحة تشدنا، ونحن يلازمنا كورونا، ونلزم بيوتنا، جعلنا نستشعر معه بخطورته على أجسادنا وتفكيرنا، عكرّ سير حياتنا بكل متطلباتها الاجتماعية والعمرانية والتنموية والاقتصادية والسياحية. خلالها نبحث عن الصحة، التي لا يدرك جمالها وسعادتها إلا المرضى، حديثنا اليوميّ عن كيفية الوقاية منه، نقلب الصفحات الإلكترونية بالثواني والساعات ليلاً ونهاراً ؛ لنرى ونسمع آخر مستجداته على مستوى العالم، وما توصل اليه لمواجهته، لكن لا جدوى، استشعرنا بالملل من المعلومات، وتضارب الآراء وحجم الاتهامات بين الدول الكبرى " الصين، وأمريكا " والحروب الإعلامية القائمة بينهما وغيرها، ثم نبحث عن الضحية التي جرفها هذا الوباء، نحو الدرك الأسفل من الحياة المعيشية الصعبة، يظللهم بآثاره ليزيدهم فقراً وحاجة، نتيجة التداعيات الاقتصادية التي شلت حركتها، وتوقف دورانها الإنتاجي. وقد حذرت منظمة "أوكسفام " الدولية من أن نصف مليار شخص إضافي في العالم قد يصبحون تحت خط الفقر من جراء تداعيات وباء " كوفيد-19" إذا لم يتم الإسراع في تفعيل خطط لدعم الدول الأكثر فقرًا. لذلك استوقفت منذ فترة حول التداعيات التي تركها "كوفيد-19 " على الشركات والمتاجر والمولات في الدولة، مع توقف عجلة نشاطها التجاري، وتأخير رواتب موظفيها وانقطاعها، جعلت عمال إحدى الشركات مع عدم حصولهم على أجورهم ينظمون احتجاجاً في أحد شوارع الدوحة، وتم التحقيق الفوري من الجهات المختصة بوزارة العمل لاتخاذ خطوات لضمان دفع جميع الرواتب وعلى الفور. ولكن ! ماذا عن المتوارين في مساكنهم بصمت بلا راتب لا يعلم بحالهم إلا الله، سلسلة مترابطة ومتشابكة من الضرر وقع في شباكها أصحاب، الشركات الخاصة والعاملون فيها. كيف تصرف الأجور في ضوء دخل متوقف، والكثير من الشركات الكبرى على مستوى العالم توقفت وأعلنت إفلاسها نتيجة عدم قدرتها على دفع أجور موظفيها وعمالها. "كورونا " أحدث فجوة واسعة بين عمليتي الدخل والإنفاق، وعلى هذا الغرار في التوقف تضرر الكثير من العمالة والموظفين الذين يعملون فيها، وتوقفت رواتبهم، وانهت عقودهم، ثلاثة شهور ونيف، ليس سهلاً أمام عامل وموظف يعتمدان على راتبهما الشهري المتوقف حاليا في الإنفاق على أسرته في الداخل أو في وطنه، وإيجار البيت والاحتياجات اليومية المعيشية، نتيجة توقف تنفيذ المشاريع والشركات، في عدم وجود طرق أخرى لكسب لقمة العيش وتمكنهم من دفع إيجار السكن، التي مع الأسف لم يرفق بحالتهم المأساوية بعض الملاك الجشعين الذين آثروا الاستفادة المالية والكسب الدنيوي "المال " على الكسب الآخروي "الأجر والثواب " في التنازل لفترة وجيزة كعمل إنساني يرتقي به في الدنيا والآخرة. الكثير من العمالة وأصحاب الوظائف الصغيرة مع انقطاع رواتبهم يهيمون على وجوههم في عالم مجهول وحياة غامضة، ومصير لا يدرك نهايته، الكثير منهم يطرق الأبواب والبيوت والجمعيات الخيرية والإنسانية بحثا عن مصدر للمعيشة اليومية، والمساعدة لدفع ضرر الإيجار والديون المتراكمة. … إنها حالات مأساوية نستشعر ألمها، حين تضج منصات التواصل بسيل من الحالات الإنسانية المحتاجة لطلب الإعانة والمساعدة ولكن إلى متى؟. بالرغم من أن الدولة رصدت مبالغ مالية لصالح القطاع الخاص عبر برنامج " الضمان الوطني " عن طريق بنك التنمية، إضافةً الى ما تقوم به الجهات الخيرية والإنسانية من دعم متواصل للمتضررين من العمالة وغيرهم من المحتاجين الذين غلبهم العوز، نتيجة فقدان عملهم من مساعدات مالية وغذائية، لذلك ؛ وفي مثل هذه الظروف المأساوية المؤلمة للعمالة على الجهات المسؤولة في الدولة دراسة ظروف المتضررين من قطع وايقاف الرواتب، ودراسة جميع المقترحات بالتعاون مع أصحاب الشركات، وملاك العقارات في إيجاد الحلول المناسبة، سواء بتخفيض الإيجارات، أو التنازل عنها، في حالة وجود دخل آخر للملاك من الموسرين، في ضوء انعدام الدخل المالي للعامل لدفع الايجار لفترة مؤقتة، كما فعل البعض، أو ايجاد دعم ماليّ للمتضررين من العمالة من تخفيض الرواتب وانهاء العقود، بصفة مؤقتة كعمل إنساني، يبتغي به وجه الله ويلقى ثماره في الدنيا والآخرة، ألا نستذكر ما قاله: " رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه." الكاتبة عائشة عبيدان Wamda.qatar@ gmail . Com.