18 سبتمبر 2025

تسجيل

مصداقية الإعلام وثقة المشاهدين

31 مايو 2017

تظل العلاقة بين وسائل الإعلام والمشاهدين ترتكز حول مدى قبول المشاهدين لما تقوله أو تبثه تلك الوسائل ومدى تيقنها من سلامة خطها في الطباعة والبث، كأساس لمنظومة الأخلاق التي تعارف عليها المجتمع الإعلامي.وفي كل أدبيات الإعلام توجد الخطأ ويوجد التصحيح. فكما يحق للقارئ أن يكتب ما يعتقده حقيقة أو لربما إساءة حصلت له من قبل مؤسسة أو شخص، فإنه من حق الطرف الآخر أن يكتب – وفي نفس المكان والمساحة – ردًا يدافع فيه عن نفسه، ويروي الحقائق التي يراها لا تجافي الحقيقة، دونما اجتراء أو مبالغة أو تهويل!ونجد لزامًا علينا- وبكل موضوعية وحياد – أن نناقش الزوبعة التي حدث في منطقة الخليج قبل أيام، ونعني بها خبر اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وبث شريط مُختلق، كان قد بثه تلفزيون قطر قبل يوم عن تخريج دفعة من المجندين للخدمة الوطنية يوم الثلاثاء الماضي. وجرت العادة ألا يلقي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى خطابًا سياسيًا في مثل هذه المناسبات. كما أن تلفزيون قطر قام ببث كامل فقرات الحفل، وليس به الشريط الذي أضيف للتسجيل. ولقد قامت فضائيات عربية ببث لقطات للحفل اشتملت على شريط (لم يكن على شاشة اللقطات الأصلية التي بثها تلفزيون قطر) ذُكرت فيه مغالطات لم ترد في الشريط الأصلي، في ذات الوقت أعلنت وكالة الأنباء القطرية أن "موقعها الإلكتروني قد تعرّض للاختراق من قبل جهات غير معروفة، وأن الجهات المختصة تباشر في التحقيق". كما صرح سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني مدير مكتب الاتصال الحكومي بأن "موقع وكالة الأنباء القطرية قد تم اختراقه من قبل جهة غير معلومة إلى الآن، وتم نسب تصريح مفبرك لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بعد حضور سموه لتخريج الدفعة الثامنة للخدمة المدنية". كما أعلن مدير وكالة الأنباء القطرية تصريحًا مماثلًا عبر قنوات الإعلام. كما أعلن سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية أن دولة قطر "ستتصدى للحملة الإعلامية التي تستهدفها، بعد عملية اختراق الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء القطرية، مشيرًا إلى أنه سيتم تقديم مرتكبي الجريمة إلى القضاء. وأشار إلى "أن ما صدر عن بعض الوسائل الإعلامية يعكس مستوى مهنيتها، وأن قطر تفضل دومًا الإبقاء على علاقات قوية وأخوية مع دول التعاون، والشارع الخليجي على وعي كامل بما نزلت إليه وسائل الإعلام المهاجمة ". كما قام سعاد الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام بنفي التصريحات الملفقة عبر مجموعة من تغريداته على حسابه الخاص في (تويتر).هذا كان مسار ما حدث الأسبوع الماضي، ولكن المحطات والصحف واصلت نهجًا يبدو مغايرًا للمنظومة الأخلاقية التي يُعمل فيها في عالم الإعلام.فهي ركّزت تركيزاُ لا حدود له على الشريط الملفق وأعادته أكثر من مرة.وهي حَظّرت برامج وضيوفًا من أكثر من مكان وفي وقت قياسي.وهي لم تذكر النفي الرسمي عن الخبر الملفق أو اختراق وكالة الأنباء القطرية.وهي – على عادة العرف الخليجي – لم تتصل بالمصادر القطرية الرسمية للتأكد من الخبر.وهي خالفت الأشقاء في كل من البحرين وعمان والكويت، الذين اعتمدوا التكذيب الرسمي للخبر الملفق.وهي قامت بنبش قبور الماضي، ووَلفت توليفات عفى عليها الزمن دونما حاجة أو موضوعية.وهي لم تلتفت إلى حقيقة بقاء السفراء في أماكن بعثاتهم، وكان بإمكانها الاتصال بهم في تلك العواصم التي نظمت تلك الحملة على دولة قطر. كما أشار لذلك نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار، من أنهم لم يسمعوا سحب قطر لسفرائها إلا من وسائل الإعلام، كما وصف (الجار الله) تصريحات سعادة وزير الخارجية بأنها (إيجابية).كما أن تلك الوسائل الإعلامية خالف كل الأعراف، بل والنظام الأساسي لمجلس التعاون الذي يؤكد على المصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع شعوب المجلس، وتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولًا على وحدتها. بما في ذلك " وضع أنظمة مماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك: الشؤون الإعلامية والسياحية. كما أن اجتماعات وزراء الإعلام، منذ إنشاء المجلس عام 1981، دأبوا على التنسيق وإنشاء اللجان لتقريب الإعلام الخليجي وتنقيته من كل شائبة يمكن أن تعكر الصفو الخليجي.من هنا يدرك حكماء الخليج من النُخب والمتخصصين أن ما جرى خلال الأسبوع الماضي يحتاج إلى مراجعة عقلانية، لأنه لا يستحق هذا التجييش الإعلامي، وإهدار ساعات من البث وصفحات من الصحافة على موضوع انتهى حال صدور البيان الرسمي من المسؤولين في دولة قطر. وأنه ليس في مصلحة شعوب الخليج متابعة إعلام المتربصين بالمنطقة، والذين يسيئون استخدام الإعلام من أجل أجندة سياسية، يمكن أن تدار عبر حوار العقل، وليس عبر تهييج الشارع ضد دولة عربية وشعب أبي.ندعو الله صادقين أن تزول هذه الغمة التي عكّرت صفو أبناء الخليج، وأن يرتقي صوت العقل على صوت الباطل، ويُصفى الإعلام من شوائبه، كي يعود احترام المشاهدين والقراء له.