12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تحتفل دول مجلس التعاون الخليجي هذه الأيام بذكرى مرور 34 عاما على تأسيس المجلس، شهدت محطات مختلفة من التعاون والعمل المشترك، ولكن شوط الوحدة لا يزال طويلا. إن دول المجلس وعلى مدار العقد والنيف الماضية وتحديدا منذ أحداث 11 سبتمبر، تأثرت بعاصفة من التطورات السياسية والاقتصادية، وربما كان التأثير الإيجابي الوحيد هو ارتفاع أسعار النفط بعد أحداث 11 سبتمبر، أما فيما عدا ذلك، فقد شهدت هذه الدول أحداثا سياسية عظاما في العراق وأفغانستان وغيرها أدت إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.وقد تجلى عمق هذا التشابك بصورة أكبر بعد نشوب الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، والتي أدت إلى انهيار أسعار النفط والأسهم والعقارات وأرباح البنوك والشركات وتضاعف الديون المتعثرة والشركات المفلسة في دول مجلس التعاون الخليجي. ولم تكد الاقتصاديات الخليجية تتعافى حتى اندلع في المنطقة العربية منذ مطلع العام 2011 حراك سياسي مؤثر يتمثل في احتجاجات شعبية واسعة النطاق وبشكل لم نعهده من قبل.إزاء هذه الأوضاع والتطورات السياسية والاقتصادية، لابد لدولنا الخليجية أن تقف وتفكر مليا: إلى متى سوف تظل تتقاذفها تلك التطورات يمينا وشمالا، وكيف السبيل لبناء اقتصاديات أكثر قوة ومتانة نعتمد عليها بصورة أكبر. في هذا الإطار، لابد من قراءة العولمة وبأبعادها المختلفة كنسق جديد يؤثر في مختلف مناحي الحياة في دولنا الخليجية، ناهيك عن تأثيراتها المباشرة على الإنسان والمجتمع والدولة وعلى منظومة القيم الاجتماعية المختلفة. ورغم أهمية المحافظة على التراث والقيم والتقاليد في دولنا، إلا أننا لابد أن ندرك، أن طوفان التغيير يحرك الأرض من تحت أقدامنا. لذلك، فإننا نرى، وفي سبيل التعامل مع عواصف العولمة والتطورات العالمية، وبناء مجتمع أكثر استقرارا من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، علينا التعامل مع أكثر من قضية حساسة. القضية الأولى، إن الإصلاح بمفهومه الواسع، السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، أصبح أمراً في غاية الأهمية لإحداث التنمية المنشودة لأي مجتمع، كما أن الإصلاح على مختلف مساراته، إنما يؤسس لمجتمع أكثر استقراراً وأمناً، ومن خلاله يستطيع المواطنون تحصين مجتمعهم وحمايته من أي هزات، وتجاوز كل العقبات، ومواجهة جميع التحديات، وتحقيق أهدافهم وطموحاتهم. والقضية الثانية أن هناك زيادة كبيرة في عدد سكان دول مجلس التعاون، والذي تتوقع مراكز بحثية عالمية أن يصل إلى ثلاثة وخمسين مليون نسمة في العام 2020م، مما يفرض تحديات عدة تتمثل في توفير فرص العمل للأعداد المتزايدة من الشباب المؤهلين لسوق العمل، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من السيدات الراغبات في دخول سوق العمل، حيث ستدفع الجامعات والمعاهد بأعداد كبيرة منهم إلى سوق العمل، إلى جانب الرجال، بثقافة توازن بين دور المرأة التقليدي والرغبة لدى الجيل الجديد في تحقيق الذات من خلال الوظيفة، علاوة على الاهتمام بالتدريب النوعي وتكييف التدريب، بحيث يرفع من المحتوى المهني للباحثين عن العمل. والقضية الثالثة أن الجيل الجديد من الشباب في المنطقة يتمتع بقناعات بشأن دوره وأهمية مشاركته في الشأن العام، وهذه القناعة تختلف عما كان سائداً في أوساط الأجيال السابقة. لذلك، هناك ضرورة لتكريس مفهوم المواطنة في دول المجلس بما يحمله هذا المفهوم من قيم الانتماء والولاء للوطن، والمشاركة الفاعلة من قبل المواطن نحو المجتمع الإنساني الذي ينتمي إليه. إن هذا المفهوم يكتسب وجوده الجمعي من المشاركة السياسية الفاعلة في ظل مشروع حضاري إنساني متكامل الأبعاد. والقضية الرابعة هي ضرورة تنويع القاعدة الإنتاجية لاقتصادات دول المجلس، لتشمل قطاعات إنتاجية جديدة قادرة على زيادة حجم الاقتصاد الخليجي، والرفع من تنافسيته الإقليمية والدولية، وزيادة فرص العمل المتاحة للمواطنين، وخلق نشاطات استثمارية وتجارية موازية للقطاع الخاص الوطني ليكون شريكاً حقيقياً في الوفاء بهذا المطلب الإستراتيجي الهام، مع العمل على تذليل العقبات والصعوبات التي تعترض طريق القطاع الخاص للنهوض بدوره على المستويين الوطني والخليجي. أما القضية الخامسة، فهي دعوة الجهات التنفيذية في دول مجلس التعاون إلى التفاعل مع برامج التكامل المشترك بما يتناسب وتحديات المرحلة، وتسريع تنفيذ هذه البرامج ووضع آليات خليجية مشتركة تمتلك صلاحيات تنفيذ القرارات الصادرة عن قمم التعاون، ونخص بالذكر السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والاتحاد النقدي، حيث إن تحقيق هذه المشاريع الهامة وتنفيذ مقتضياتها بالكامل سيكون أداة هامة لاستيفاء متطلبات الاستقرار الاقتصادي من خلال مساهمتها في مواجهة البطالة بين المواطنين، ورفع فرص الاستثمار والتجارة البينية، وتحقيق المواطنة الخليجية بمفهومها الاجتماعي والاقتصادي، وغيرها من المنافع.