13 سبتمبر 2025

تسجيل

المشروعات الصغيرة والشمول المالي

24 فبراير 2019

خلق 15 مليون وظيفة جديدة بحلول 2025 في كلمتها الافتتاحية التي ألقتها أمام القمة العالمية للحكومات، تناولت السيدة كريستين لاغارد مدير عام صندوق النقد الدولي موضوع هام للغاية وهو كيفية تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإدخالها تحت مظلة الشمول المالي في الدول العربية. وتنبع أهمية هذا الموضوع من أن هذه المشروعات تمثل 96% من الشركات المسجلة في المنطقة العربية، كما أنها تستوعب نصف القوى العاملة. لكن فرص التمويل المتاحة لها هي الأقل على مستوى العالم؛ حيث لا يزيد على 7% من الإقراض المصرفي الكلي في المنطقة. وقد وجدت دراسات الصندوق أن سد ثغرة الشمول المالي هذه – مقارنة بمتوسط البلدان الصاعدة والنامية – من شأنه تحقيق منافع اقتصادية متعددة. فمن الممكن أن ترفع النمو الاقتصادي السنوي بما يصل إلى 1%، وربما تقود إلى خلق حوالي 15 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025. فمن الواضح إذن أن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها هو عنصر أساسي في أي جدول أعمال للنمو الاحتوائي. فكيف يمكن للبلدان أن تعمل على خلق البيئة الضرورية لتنمية هذه المشروعات وإدخالها تحت مظلة الشمول المالي؟ تطرقت مدير عام صندوق النقد الدولي هنا إلى ثلاث جوانب من شأنها المساعدة على زيادة الائتمان المصرفي المتاح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لكن باعتقادنا أنها لم تكن تمثل الجوانب الأهم التي تحقق هذا الهدف. فعلى سبيل المثال طالبت بسلامة أساسيات الاقتصاد والقطاعات المالية من خلال تقليص حجم الدولة حيثما كانت تزاحم التمويل المتاح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتخلق مناخاً يفتقر إلى تكافؤ الفرص أمام هذه المشروعات. وليس واضحا ماذا يعني هذا بالضبط. فصحيح أن معظم الدول العربية وخاصة غير النفطية تعاني من شحة السيولة والفائض المالي الموجه للاستثمارات، إلا أن المتضرر ليس المشروعات الصغيرة والمتوسطة فحسب بل مجمل مشروعات التنمية، بما في ذلك مشاريع الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والسكن. وتذكر مدير عام الصندوق ثانيا العوامل المؤسسية الضرورية مثل الحوكمة الرشيدة والرقابة المالية وتوافر معلومات الائتمان والأطر القانونية. فعلى سبيل المثال، تشير أبحاث الصندوق هنا إلى أن زيادة تغطية مكاتب الاستعلام الائتماني في المنطقة العربية يمكن أن يزيد توظيف العمالة، وخاصة في المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وهنا علينا أيضا أن نتذكر إن ما تعانيه هذه المشروعات في معظم البلاد العربية ليس شحة المعلومات الائتمانية والأطر القانونية، لأن مصاعبها تبدأ قبل هذه المراحل، وتحديدا في مرحلة الإجراءات التنظيمية للتأسيس والبحث عن الخدمات اللوجستية والمساعدة الفنية في بناء هياكلها التنظيمية والتسويقية والمحاسبية. ثم تتطرق مدير عام الصندوق ثالثا إلى أهمية توفير قنوات بديلة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وذلك، كما تقول، عن طريق الاستعانة بأسواق رأس المال ودعم تنمية القطاعات التي تعمل فيها هذه المشروعات. والنقطة الثانية الخاصة بدعم القطاعات التي تعمل فيها هذه المشروعات هامة للغاية وذلك ضمن برامج واضحة تعطي الأولوية لمنتجات وخدمات هذه المشروعات. أما بالنسبة للاستعانة بأسواق المال، فإذا كان الوصول للبنوك صعبا، فكيف سيكون الموضوع مع البورصات المالية التي تتطلب مواصفات وشروط أكثر تفصيلا وتعقيدا خارج مقدرات غالبية تلك المشروعات. وقد لاحظنا حتى في بعض دولنا الخليجية التي حاولت وضع شروط ميسرة لإدراج المشروعات الصغيرة لتسهيل حصولها على التمويل إن النجاحات المتحققة لا تذكر. وبالتالي، لا بديل من قيام الحكومات بتأسيس صناديق تمويلية أو مؤسسات ضامنة للتمويل أو لجزء من التمويل المقدم لهذه المشروعات مع توفير بيئة محفزة للنجاح من حيث الدعم التسويقي والإداري والتقني. [email protected]