11 سبتمبر 2025

تسجيل

الرابحون والخاسرون في الحرب التجارية

10 فبراير 2019

الصين تصدر للدول العربية ما قيمته 140 مليار دولار سنوياً يقول صندوق النقد الدولي في آخر تحديث له إن النمو الاقتصاد العالمي يميل إلى الضعف وبمعدل أسرع إلى حد ما مقارنة بالتوقعات السابقة ويتوقع أن يبلغ 3.5% في 2019 و3.6% في 2020، بانخفاض قدره 0.2 و0.1 نقطة مئوية عن توقعات أكتوبر الماضي مع احتمال بانخفاض أكبر وذلك بسبب انتقال تأثير التوترات التجارية إلى الأسواق المالية، مما يسبب ضيقاً في الأوضاع المالية وتصاعداً في المخاطر التي تواجه النمو العالمي، أي أن الحروب التجارية باتت تحدث ارتدادات سلبية على أسواق المال، والاقتصاد العالمي ككل. في دراسة حديثة أصدرتها الاونكتاد قبل عدة أيام حول تصاعد الحروب التجارية واستحواذها على النشرات الإخبارية، خلصت إلى أن الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين ستؤدي إلى انخفاض التجارة الثنائية بين البلدين وستحل محلها التجارة مع الدول الناشئة في بلدان أخرى. وتقدر الدراسة أن من بين 250 مليار دولار للصادرات الصينية الخاضعة للتعريفات الأمريكية، فإن 82% منها ستلتقطها شركات في دول أخرى، وستحتفظ الشركات الصينية بنسبة 12%، وتحصل الشركات الأمريكية على 6% فقط. وبالمثل، فإن من بين ما يقرب من 85 مليار دولار من الصادرات الأمريكية الخاضعة لتعريفات الصين، فإن الشركات في بلدان أخرى ستستحوذ على حوالي 85%، بينما ستحتفظ الشركات الأمريكية بأقل من 10%، فيما ستستحوذ الشركات الصينية على نحو 5% فقط. وتقول الأونكتاد إن السبب في ذلك بسيط وهو أن التعريفات الثنائية تبدل التنافسية العالمية لصالح الشركات العاملة في البلدان غير المتأثرة بها مباشرة وسوف ينعكس ذلك في أنماط الاستيراد والتصدير في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أن البلدان التي يتوقع أن تستفيد أكثر من غيرها من التوترات بين واشنطن وبيجينغ هي تلك التي لها قدرة أكبر على المنافسة، فضلا عن القدرة الاقتصادية لتحل محل الشركات الأمريكية والصينية. وبذلك، فإن صادرات الاتحاد الأوروبي هي التي من المرجح أن تزداد أكثر، حيث تستحوذ على 70 مليار دولار من التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين (50 مليار دولار للصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، و20 مليار دولار من الصادرات الأمريكية إلى الصين) فيما ستحصل كل من اليابان والمكسيك وكندا على أكثر من 20 مليار دولار. لكن بطبيعة الحال، مخاطر الحروب التجارية تتجاوز قضية الرابحين والخاسرين إلى ما حذر منه صندوق النقد الدولي حول امتداداتها الناجمة عن التراجع الاقتصادي والذي غالبا ما تصاحبه اضطرابات في أسعار السلع الأساسية والأسواق المالية والعملات، وكل ذلك سيكون له تداعيات مهمة على البلدان النامية. ويتمثل أحد المخاوف الرئيسية في احتمال أن تتصاعد التوترات التجارية لتصبح حروب عملات، مما يجعل من الصعوبة بمكان سداد الديون بالدولار. كذلك يستتبع ذلك إعادة خارطة التدفقات الاستثمارية العالمية بسبب المخاوف من حروب العملات وأسعار الفائدة. وقد تستفيد الدول العربية من تدافع الشركات الصينية والأمريكية للبحث عن أسواق بديلة تعوضها عن فقدان جزء من حصصها في السوق المقابلة لها، حيث تصدر الصين للدول العربية بما قيمته 140 مليار دولار سنويا وتصدر أمريكا نحو 75 مليار دولار سنويا، كما يمكنها التعويض عن جزء من جانب ما يستورده هذان البلدان وخاصة الصادرات البتروكيماوية الأمريكية إلى الصين. لكن في المقابل، فإن لجوء الدولتين إلى استخدام سلاح تخفيض العملات سوف يخفض القيمة السوقية للاستثمارات العربية في هذين البلدين ويكبدها خسائر فادحة، كذلك بالنسبة لانعكاسات التباطؤ التجاري على تراجع الطلب على النفط ومن ثم تراجع أسعاره. [email protected]