11 سبتمبر 2025
تسجيلأزمات مصر لا تنتهي، وبذا تطول المرحلة الانتقالية الحقيقية بين نمط وسياسة حكم المخلوع مبارك، والحكم الجديد برئاسة د. محمد مرسي. لقد شهدت الأيام الأخيرة مأزقا متجددا بشأن القضاء، وفي هذه المرة عادت المحكمة الدستورية إلى الصدارة مجددا، بدلا من قضية النائب العام، أو لنقل إن أزمة النائب العام عادت مشتبكة الآن بأزمة المحكمة الدستورية التي وصل دورها الآن حسب قول البعض، إلى درجة وسلطة فوق السلطة التشريعية، وأن المحكمة ربما تكون قد حلت محل السلطة التشريعية الراهنة الممثلة في مجلس الشورى، بعد أن تصدت للمرة الثانية لأمور لم ترد في عرائض الدعاوى المرفوعة أمامها أو في القوانين التي أرسلت لها لإبداء ملاحظاتها على بنودها. الأزمة الجديدة نتجت عن إبداء المحكمة رأيا يقول بحق رجال القوات المسلحة والشرطة في المشاركة في العملية السياسية، خلال إبداء ملاحظاتها على القانون الجديد المرسل لها من مجلس الشورى بشأن مباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس النواب. سبب الأزمة هنا أن المحكمة تكرر ما فعلته من قبل حين قدم لها طعن على مشروعية ثلث أعضاء مجلس الشعب الأول بعد الثورة، فقررت هي تناول عدم مشروعية الثلثين الباقيين أيضاً وقررت حل المجلس،وان المحكمة قد نصت في ملاحظاتها على القانون الحالي على حق العسكريين بالمشاركة في العملية السياسية دون طلب من أحد، وأن قرارها هذا جاء والبلاد تعيش حالة اضطراب حادة يصعب معها مجرد التفكير في إدخال العمل السياسي إلى داخل أهم أجهزة الدولة التي تمثل صمام الأمان لبقاء الدولة والمجتمع موحدا متماسكا. وقد وصل البعض حد القول إن الجدار الباقي الذي يلتف حوله كل المصريين يتعرض الآن لإدخال الخلافات في داخله. وقد زاد من تضخم واستفحال الأزمة الجديدة أن جاءت مضافة ومرتبطة بأزمات أخرى، إذ تنظر المحكمة الدستورية الآن في قرار بحل السلطة التشريعية أو ما بقى من سلطة تشريعية – مجلس الشورى - وقد حددت للنطق بحكمها موعد 6 يونيو القادم، وهو ما يأتي والأمور على حالها في قضية النائب العام الذي ما تزال المطالبات مرفوعة من قطاع من القضاء بضرورة إقالته ووقف التعامل معه. وأن كل ذلك يأتي بينما مجلس الشورى المصري يناقش قانون السلطة القضائية الذي يحوى بندا يتعلق بسن إحالة القضاء للمعاش، فيما يوصف بالاستعداد لإنهاء خدمة نحو 3 آلاف قاض دفعة واحدة. ويبدو الكل مجمع الآن على أن الأزمة الراهنة هي واحدة من أخطر أزمات حكم ما بعد الثورة، وإنها قد تنفجر انفجارا مدويا، إذ ما ترافقت تطوراتها الحاسمة مع تلك الدعوات السياسية الجارية في مصر لتحويل نهاية شهر يونيو إلى أزمة طاحنة في شوارع مصر، عبر المظاهرات والحشود الجماهيرية، إذ يرى كثيرون أن الأزمات تتحضر الواحدة تلو الأخرى لكي يجري تفجيرها في نهاية شهر يونيو بما يحدث تغييرا في السلطة السياسية الحالية. كيف يتصرف د. مرسي ومجلس الشورى والوزراء والحركة الإسلامية؟ البعض يقول بضرورة تجزيء الأزمات وحلها واحدة تلو الأخرى، والبعض يرى الإسراع بإصدار قانون السلطة القضائية لحسم المعركة القضائية تحت ظلال أزمة قرار المحكمة الدستورية بإقحام السياسة داخل القوات المسلحة. والبعض يرى ضرورة إبداء قدر من التراجع والعمل وفق منطق تسكين الأزمات حتى لا يحدث انفجار كبير. وهناك من يقول أن السلطة تسير نحو إنجاز أهدافها وأن كل ما يجري لا تأثير ولا وزن لها، وأنها ظواهر إعلامية غير قادرة على التأثير في الشارع المصري. والكل في انتظار قادم الأيام.