15 سبتمبر 2025

تسجيل

"روشتة عربية" للحكم على سياسات ترامب!

01 يناير 2017

تقترب لحظة تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة وهو يبدي استعجاله للحظة. سيصبح سيدا لبيت حكم العالم بعد نحو 15 يوما. التحليلات بدورها تتعجل معرفة مواقفه وسياساته وإستراتيجية أمريكا تحت حكمه بشأن قضايا المنطقة والعالم. وهي تحليلات تقوم على الفحص والاستنتاج من تصريحاته ونمط اختياراته لمستشاريه. وأغلبها لا يقدم رؤية واضحة، بقدر ما تُدخل المتابعين في متاهات حول ضرورات الفصل بين أقوال الرئيس المرشح وضرورات القرار حين يصبح حاكما. هناك طريق بديل وصحيح للوصول لمثل هذا الحكم على ترامب. علينا أن نحدد أخطر ما حدث لنا -نحن- جراء سياسات أوباما ومن سبقوه، ومراقبة ومتابعة الفارق والمختلف في أفعال ومواقف وخطط ترامب مقارنة بها، ومتابعة خططه وإستراتيجياته في إدارة الحكم. علينا تحديد أجندتنا، وأن نرى ما سيأتي به ترامب من اتجاهات محددة وأفعال وتصرفات وخطط وإستراتيجيات. هنا يمكننا أن نصدر حكما عميقا يتخطى الاستنتاجات المتعجلة من كلمات هنا وأخرى هناك. وواقع الحال أن الحكم على سياسة الرئيس –أي رئيس– لا يكون بتحليل ما يقول خلال مرحلة الدعاية الانتخابية ولا حتى تصريحاته خلال وجوده بالحكم، بل بما تجري عليه خططه الإستراتيجية والسياسية الجارية على الأرض وعلى أرضنا بشكل محدد. والواقع أن التجارب تعلمنا خطأ الحكم على الرؤساء أو السياسيين عامة من خلال أقوالهم أو تصريحاتهم. لقد دخل جورج بوش بقواته إلى العراق حاملا شعارات ومطلقا تصريحات تتحدث جميعها عن إنهاء الديكتاتور وتحقيق الديمقراطية والعدالة، لكن ما رأيناه كان فعلا مناقضا بالكلية لتلك الأقوال. شهد العراق حالة تدمير شامل، جعل الناس يترحمون على أيام الرئيس صدام حسين. وعرفنا من بعد أن خطة بوش، كان اسمها الحقيقي هو الصدمة والترويع، وقصف بغداد بما يساوى كل ما استخدم من ذخائر طوال سنوات الحرب العالمية الثانية. تعلمنا أن هدف التصريحات والشعارات كان الخداع والتمويه على الخطة الحقيقية. وكذلك تحدث الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن مساندته ودعمه للشعب السوري وضرورة إنهاء حكم بشار، وأظهرت الأيام أنه هو من وقف في وجه انتصار الثورة السورية، بل هو من اعتمد إستراتيجية إجهاض كل ثورات الربيع. وفي حالة شبيهه بنمط أفكار ترامب، فقد تحدث ثاني رؤساء الولايات المتحدة جون آدامز (1797 -1801) بما لا تستطيع النفس مجرد سماعه، حيث قال: كان لدى الولايات المتحدة مشروع عظيم لتطهير القارة الأمريكية من أولئك "المقدر لهم الانقراض" فهم من حيث الجنس لا يستحقون البقاء لأنهم أدنى من العرق الأنجلو سكسوني، وليسوا سلالة محسنة، ومن ثم فإن اختفاءهم من العائلة البشرية لن يفقدها الكثير". لكنه اعتذر عن أقواله لاحقا. لا يمكن الحكم ولا حتى الفهم من خلال التصريحات. الحكم على ترامب يجب أن يجرى من خلال موقفه من فلسطين، ماذا سيفعل تجاه القدس واللاجئين. هل سينفذ قرار نقل السفارة الأمريكية إليها؟ ومن خلال معرفة تحيزاته الإقليمية، وماذا بشأن موقفه من الميلشيات الإيرانية المنطلقة قتلا ودمار وتهجيرا، هل سيظل يحميها بالطيران الأمريكي، أم يعلنها ميلشيات إرهابية؟ وكذلك، بمتابعة ما سيفعله مع المسلمين، هل سينفذ فكرة منع دخول المسلمين للولايات المتحدة وكيف سيتعامل مع المسلمين في أمريكا، هل سيظل يعتبر كل المسلمين إرهابيين؟ هل سيعمل وفق النقلة العدوانية التي وردت بتصريحاته واعتبرت المجتمعات والدول الإسلامية والأفراد، كلهم إرهابيين؟ هناك محدد آخر يتعلق، بما إذا كان سيواصل خطة نقل السلاح من جيوش الدول إلى جماعات تفكيكية عدمية تدميرية في العالم العربي الإسلامي. بوش فعل هذا مع الميليشيات في العراق، وأوباما حوّل الأمر إلى قرار إستراتيجي للحركة الأمريكية في المنطقة، وهنا تبدو تصريحات أردوغان الأخيرة حول دعم أمريكا للمجموعات الإرهابية بالسلاح، شاهد خطير على هذا الفعل. وهل سيذهب ترامب باتجاه تحويل جريمة التفكيك للدول قرارا أمميا، بفتح باب الاعتراف في الأمم المتحدة بالدول الجديدة على أنقاض الدول القائمة. مثل تلك القضايا الجوهرية –وغيرها- هي ما تظهر توجهات ترامب. أما الكلام والتصريحات على عنفها أو نعومتها الخداعية، فلا محل لها إلا من زاوية الرصد والمتابعة، وربما تفيد في التفريق بين الإنجليزية باللكنة الأمريكية وغيرها.