12 سبتمبر 2025

تسجيل

التقارب الروسى التركى ..مؤقت !

13 يناير 2017

لم يغير بوتن استراتيجيته تجاه تركيا..ولا أردوغان تجاه روسيا،بالمقابل.وما جرى ويجرى بين الدولتين من تقارب بمعدلات عالية،لا يمثل تغييرا في النظرة الاستراتيجية والتاريخية ،لكلا البلدين تجاه بعضهما البعض.التقارب الحالى ،يمثل بالكاد عودة إلى ما قبل المجابهة التي جرت عقب التدخل الروسي في سوريا وما تبعه من إسقاط المقاتلات التركية لمقاتلة روسية.وهو تغيير جرى مدفوعا بتغييرات حدثت في مواقف حلفاء البلدين أو في الموقف من حلفائهما،خاصة الولايات المتحدة وإيران.ولذا،لن يكون مستغربا أن نشهد تبدلا بطريقة أو بأخرى في زخم تطور العلاقات الجاري بين البلدين الآن،بعد إمساك الرئيس الأمريكى ترامب بتلابيب السلطة في البيت الأبيض!.لقد ذهب البلدان باتجاه بعضهما على الصعيد الثنائي وبشأن الحل في سوريا،لمواجهة السياستين الأمريكية والإيرانية وما تحقق لإيران وأمريكا على الأرض السورية،على حساب كل من تركيا وروسيا.الروس اندفعوا لتأمين علاقاتهم مع تركيا،بعدما طرقت الولايات المتحدة أبواب الحدود الروسية والأمن القومى لها عبر الانتشار العسكري فى دول البلطيق،وبفعل ضغط العقوبات الأمريكية والأوروبية على الاقتصاد الروسى،كما كان لتحقيق الولايات المتحدة وجودا عسكريا دائما عبر مطارين فى سوريا،دوره فى إشعار روسيا بتهديد عميق لسطوتها على سوريا.وتركيا باتت مدفوعه لتحسين العلاقات مع روسيا –هى الأخرى-بسبب التغيير فى نمط علاقاتها مع حليفها الأطلسى الأكبر،الذي تحول من حليف إلى مهدد لأمنها واستقرارها.لقد أصبحت الولايات المتحدة فى وضعية المهدد لاستقرار تركيا بعد الانقلاب الفاشل على أردوغان- ليس خلاله فقط-إذ واصلت ضغطها حتى وصل الأمر درجة التلاعب باستقرار الاقتصاد التركي،والأخطر، أن تكشف دور الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وبات واضحا تقديمه دعما سياسيا وعسكريا للحركات الكردية المسلحة في سوريا،بما جعل تركيا تنظر له كمهدد لاستقرارها واستمرارها كدولة.والعامل الإيرانى كان حاضرا في تحرك مواقف تركيا وروسيا تجاه بعضهما البعض.كلا البلدين صار مدفوعا لتطوير علاقته مع الآخر بسبب مخاوف السيطرة الاإرانية على سوريا.روسيا لا تريد أن تهيمن إيران على سوريا حتى لا تصبح قواعدها العسكرية على الأرض السورية واقعهةتحت سطوة الموقف الإيرانى المدعوم بقوى غير نظامية منفلته.وتركيا في وضع تنافس استراتيجى خطر ودقيق مع إيران في سوريا والعراق في محيط أمنها القومي وعلى حدودها.ولذا التقى الطرفان الروسي والإيراني على حل في سوريا،يحقق مصالحهما فى مواجهة إيران والولايات المتحدة معا،كل على طريقته ووفق حساباته مع حليفه المفترض.وحين نقول إنه تقارب مؤقت لا نقصد أنه محدود بوقت محدد،بقدر ما نشدد على ارتباطه بأوضاع وسياسات قد تتغير فى وقت قريب.وبالدقه،فالموقف الراهن بين البلدين سيتأثر على نحو مهم بما سيفعله ترامب تجاه روسيا وتركيا وإيران،وعلى الأرض فى سوريا،كذلك.فإذا ما اندفع ترامب للتأثير على وضعية إيران في الإقليم،أو دخل في مواجهة معها مع مد الجسور مع بشار،وإذا حسن علاقاته مع روسيا سواء بتخفيف العقوبات أو بتقليل توجه الأطلنطى للضغط المباشر على الأرض والأمن القومى الروسى،وإن أقدم على دعم خطة تشكيل منطقة آمنة في شمال سوريا،فكل تلك المواقف ستؤثر بطريقة أو بأخرى على الجوانب المؤقتة أو الطارئة التي شكلت قوة دفع فى تطوير وتسريع العلاقات الروسية التركية فى الآونة الأخيره.وفي كل وسواء استمر الاندفاع والتطوير لعلاقات روسيا وتركيا أو تعرض للإبطاء تحت تأثير تغيير السياسة الأمريكية في عهد ترامب،فإن العلاقات الروسية التركية،بأبعادها التاريخية والجواستراتيجية-التي كشفتها أزمة إسقاط الطائرة الروسية-ستظل حاكمة لتطور العلاقات بين البلدين.