04 أكتوبر 2025
تسجيللعل هذا المقال هو أصعب مقال أكتبه، وذلك بسبب توقيته، وصعوبة الموقف، وعظمة الرجل الذي أكتب عنه. خلال فترة حياتي، تعلمت دروساً عظيمة وكثيرة من والدي، فضيلة الشيخ عبدالقادر العماري، والذي وافته المنية يوم الخميس ٢٥ مارس ٢٠٢١ ميلادية، الموافق ١٢ شعبان ١٤٤٢ هجرية. وبالرغم من كثرة الدروس والمواقف التي تعلمتها منه والتي ستحتاج لمجلدات لتدوينها، ولكن سأحاول هنا أن أوجز بعضاً من أهم ما تعلمته: •اجعل التحصيل العلمي أعلى وأهم أولوياتك، خصوصاً في بداية حياتك: تشجع وتحمس لطلب أعلى درجات العلم، واجعله هدفاً رئيسياً في حياتك (قبل المال أو الوظيفة أو أي هدف آخر)، فبالعلم ستستطيع أن تحقق كل أهدافك الأخرى، فلا تتنازل عنه مهما كان. •كن عظيماً وراقياً: في حديثك، واهتماماتك، وسلوكك، وعطائك، وأخلاقك، وعلاقاتك، وفي مختلف نواحي حياتك. وارتقِ وانأ بنفسك عن السفاهات والإسفاف وتوافه الأمور، ولا تجعل اهتماماتك سطحية وتافهة، ولا تجالس من هم كذلك، ولا تتواجد في أماكنهم. وانتقِ جلساءك وندماءك من أصحاب الدين والأخلاق والهمم العالية. •لا تهمل القراءة والاطلاع: مهما بلغت مشاغلك اليومية، فلا تهمل أبداً قراءة الكتب والاطلاع على الأخبار من حولك، فهذا سيوسع مداركك، وسترتقي فكرياً بشكل مستمر، وسيتكون لديك رابط قوي بين الفهم العلمي العميق، والواقع المعاصر الذي تعيش فيه. •كن قريباً من الناس: بزيارتهم، وتلبية دعواتهم، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، مهما بلغت مشاغلك في الحياة، ولا تقطع حبل الود والتواصل مع زملائك وأصدقائك القدامى. •كن سيفاً للدفاع عن الحق والدين: لا يجب أن تسكت عمن ينشر الأفكار الخبيثة ويدس السم في العسل، أو يهاجم الدين ومقدساته. كن سيفاً مرفوعا ضدهم. ولا تقف أبداً مدافعاً عن الباطل أو مبرراً لموقفه، ولو حتى بالسكوت عن الصدح بالحق، مهما كانت المغريات، أو العواقب. •لا تتنازل عن مبادئك وقيمك: خلال حياتك ستمر عليك الكثير من المواقف (الصغيرة أو الكبيرة) التي ستختبر مدى التزامك بمبادئك وقيمك التي تدعيها. الالتزام بالمبادئ والقيم صعب وثقيل، وهنا تظهر معادن الرجال، وتظهر مبادئهم وقيمهم وأولوياتهم الحقيقية. •ثق بأن كل شيء بيد الله: لا ينبغي لك أن تربط مصيرك ومستقبلك بشخص، أو منصب، أو أُعطية، أو غيرها من الأمور، فكل شيء قد يتغير ويتبدل في ليلة وضحاها. ولو آمنت بذلك فعلاً واستشعرت أن مصيرك في يد الله وحده؛ فلن تحتاج للتملق لأحد مهما بلغت مصلحتك معه، أو السعي خلف منصب أو مكانة تظن أنها لك، وستعيش بنزاهة وكرامة وعزة تستمدها من إيمانك بالله، وبأن كل شيء بيده سبحانه. •كن قريباً من الله: بطاعته سبحانه والمواظبة على الصلاة وارتياد المساجد، واجعل سرك مثل علانيتك، فهذا سيعينك في مواقف صعبة ستحتاج فيها إلى رعاية إلهية لتحفظك، وسيفتح الله لك أبواباً لم تكن لتظن أنها ممكنة. كما أنه سيحفظك عندما تبلغ من العمر عتياً وسيجعل لسانك يلهج بذكر الله، بدلاً من أي كلمات قد تكون محرجة لك ولسنك. •احذر من التكبر والغرور: فهو من أسوأ الصفات التي قد تصيب أي انسان حقق أي نجاح في حياته، فاحذر منه كل الحذر، كما أنه من الأسباب التي قد تجعلك تخسر كل ما بنيته. •كن جابراً للعثرات: يمر الناس بالكثير من العثرات في الحياة، وتمنعهم كرامتهم من طلب المساعدة، فمن المروءة أن تتفقد أحوالهم وتساعدهم وتجبر عثراتهم، بلا منٍ ولا تذكير. هذا ليس سوى غيض من فيض مما تعلمته -انا وغيري ممن عاشروه- منه، فقد كان مدرسة بحق، وأوتي من الحكمة الشيء الكثير، بشهادة الكثيرين ممن قاموا مشكورين بتأدية واجب العزاء، وأثنوا عليه وعلى دماثة أخلاقه وغزارة علمه وسداد بصيرته. نسأل الله سبحانه ألا يحرمنا أجره ولا يضلنا بعده، ويجمعنا به على سرر متقابلين في جنات النعيم. @khalid606