23 سبتمبر 2025
تسجيلالإعلانات المتلاحقة التي انتشرت صيتها في السنوات الأخيرة المتعلقة ببعض الدورات التدريبية في علم الطاقة والإدارة تتطلب وقفة لمعرفة مدى جودتها ومصداقية الشهادات التي تمنح للمتدربين، ثم كيفية السماح لمثل هذه الدورات الخاصة بالانتشار وترك المجال للقائمين عليها بالترويج لها والتسويق، وإيهام المتدربين بالشهادات العالمية الوهمية التي تمكنهم من الحصول على أحقية لقب مدرب والدخول في التدريب، في المقابل لا يمنع من وجود مراكز لدورات تدريبية بمعايير ثابتة عالميا وبجودة عالية معتمدة من جامعات أكاديمية معترف بها عالميا. …. يذكرنا ذلك بالتسويق غير المسبوق للشهادات العلمية في الدكتوراه والماجستير الوهمية المزورة في علم من العلوم التي انتشرت على مستوى العالم تمكن الحاصلون عليها من الانخراط في الوظائف في مجال ما حسب الشهادة، كما هو الترويج المزعج الذي يداهمنا بين فترة وأخرى لمنتج تجاري ما والإعلان عن الشركة المروجة وذكر جودة ومميزات المنتج ومجانية تجربته في البداية والتي أصبحت مصدر قلق لكثرتها والشك في تحقيقها للجودة نتيجة الأهداف المادية التي تسعى اليها الشركات والمراكز التجارية، وينطبق على هذا الأسلوب الربحي قول اكذب اكذب حتى يصدقك الناس. والتي جميعها تصب في الربح المادي الذي طغى على الفكر الإنساني وأصبح الهدف الأول لأي مشروع ربحي في استغلال العقلية الانسانية المغفّلة عن الوعي وان قلت جودته. …. مادفعني لإثارة الموضوع اتصال هاتفي تلقيته من إحدى الجهات لحضور دورة تدريبية في التنمية البشرية وتطوير الذات ( أسباب النجاح وتفادي الفشل ) واتخذت من أحد الفنادق مقرا، بوقت زمني قصير لايتناسب مع ماهية أو محتوى المادة المقدمة للقيادة التي تمكن من الحصول على شهادة عالمية معتمدة أكاديميا من إحدى الجامعات المتخصصة القائمة على الربح الماديّ تمكّن المتدرب من خوض غمار التدريب في فن القيادة بواسطة جواز الشهادة أكاديميا التي حصل عليها، ونهايته الاقناع بدفع مبالغ مالية باهظة بمقابلة شخصية ودورات تدريبية في فترة وجيزة وقصيرة متفرقة ثم منح الشهادة الأكاديمية الوهمية. إنها ظاهرة سلبية أضحت فيها الثقافة سلعة ومادة للاستهلاك لا يشترط جودتها بقدر ما يهم بريقها والاستفادة منها. …. المشكلة أن بعض هذه الإعلانات الوهمية للحصول على فن القيادة أو الطاقة بدأت سيرها وبصورة غير طبيعية، في مجتمع أصبح مرتعا لكل الأجناس البشرية للدخول من بوابة التدريب والتعليم بهدف الربح والتجارة، والطامة الكبرى الجمهور الذي لا يمتلك الوعي في مدى مصداقية تلك الدورات التدريبية كما لا يمتلك المعرفة التامة عن حصول المراكز التدريبية والمدربة على تراخيص ومستندات موثقة أكاديميا، فالدورات التدريبية خاصة في مجال التنمية البشرية ضرورة حتمية لتطوير الذات لكن لابد أن تخضع لرقابة صارمة، وقد حذّر الكثير منها خاصة غير المعتمدة رسميا من الجهات المسئولة في الدولة، التي اتخذت من الشباب صيدا ثمينا للاستغلال الماديّ وراء ستار تنمية الذات، واستغلال وسائل التواصل في الترويج والتسويق لانتشار المدربين الوهميين والمراكز الوهمية التي لاتجد لها في مجتمعنا من يوقف سيلها، واذا كان هناك من يحمل فكرا ساذجا لايمتلك الوعي بمثل تلك الدورات والشهادات الوهمية، فإن هناك عقولا واعية تدرك ما يدور حولها من استغلالية وترويج وهمي في زمن أصبحت المادة هي المؤشر الذي يحرك فكر الانسان نحو الربح دون العلم والتنمية. فمتى تغلق دكاكين الوهم العشوائية التي انتشرت في مجتمعنا، أليس هناك معايير وآليات من الجهات المختصة لضمان جودة البرامج التدريبية، ومصداقية الشركات والمراكز المسوقةّ. كفانا التلاعب بعقولنا حتى لا يصبح مجتمعنا أرضا خصبة طرّية لمن يريد الربح المالي السريع ليستغل الانفتاح الواسع الذي تشهده الدولة . [email protected]