02 أكتوبر 2025

تسجيل

وادي السيلة

31 مارس 2013

عدت للتو من مناطق الجنوب بالمملكة العربية السعودية الشقيقة في زيارة لأصدقاء أعزاء من محافظة سراة عبيدة من تهامة قحطان التي تقطنها كأغلبية سكانية قبيلة بني قحطان العريقة وهي المنطقة التابعة لمناطق عسير الجنوبية وشاءت الأقدار أن يعم الخير على تلك المناطق وأنا بينهم، حيث شهدت سقوط الأمطار الغزيرة التي كانت قد انقطعت عنهم لأكثر من عامين وشاركتهم فرحتهم واستبشارهم وتهليلهم وتكبيرهم، حيث علت الأدعية الخاصة بمثل هذه المناسبات ونزول أمطار الخير التي طلبوا من الله أن تكون سقيا خير على البلاد والعباد وأبلغوني ونحن ننعم بتلك الأجواء الممطرة بأن منطقة عسير ستكون هذا العام وسيلة جذب للسياحة ودعوا (هل قطر) أن يجعلوا وجهتهم صوبهم، خاصة مدينة (أبها) السياحية التي انقطع الناس عنها منذ سنتين وأكثر بسبب انقطاع أمطار الخير عليها. عايشت تلك اللحظات مع فرحة الأهالي من مشايخ بن قحطان يستبشرون (يالحيا) ويؤكدون بانتعاش الأراضي في المنطقة الجنوبية، حيث تعلوا تعبيرات وجوههم الفرحة والسرور، خاصة أن طبيعة معيشتهم تكسوها البساطة لاسيما وقد جبلوا على حب الحياة ومخافة الله وتعظيمه وهم بطبيعة البيئة الجبلية القاسية التي يعيشونها يتسمون بالحزم والقوة.. وفي غمرة تلك الأجواء المفعمة بالبهجة والفرح تواردت الأخبار في تلك اللحظات عن تفاقم الوضع المأساوي في كثير من القرى بعد أن قطعت السيول سبل التواصل معهم وعزلت معظمها عن العالم الخارجي وبسرعة شكلت بتوجيهات عليا فرق إنقاذ لإغاثة المتضررين في تلك القرى وتم اختيار محافظة سراة عبيدة بتهامة بن قحطان -التي كنت فيها - مقراً رئيسياً لتنطلق منه أعمال الإغاثة العاجلة لنحو 400 أسرة عزلتهم الأمطار منذ الأسبوع الماضي. ومع تزايد الأمطار في تلك الليلة مع أواخر أيام الشهر المنصرم ومع دوي الرعد وقوة البرق سرت في نفوس الجميع حالة هلع وخوف من الآتي وقام رجال بني قحطان ومشايخهم في سراة عبيدة بدورهم في تنفيذ التعليمات لإغاثة القرى، خاصة تلك التي تقع في أطراف الأودية التي تعرف بأسماء مختلفة من بينها اسم (وادي السيلة) الذي فعلاً أوقفني واتخذته عنواناً لمقالتي هذه.. لماذا؟ أعاد اسم هذا الوادي إليَّ اسما قريبا له في قطر والذي تربعنا وترعرعنا فيه منذ طفولتنا وهو فريج (وادي السيل) الذي يقع ما بين المرخية من الشمال و(الرميلة) و(البدع) جنوباً، وغرباً فريج (كليب)، و(بن عمران) والبحر من الشرق، والذي أبيد عن بكرة أبيه مؤخراً لمقتضيات التنمية والخطط المعمارية الحديثة وانتشار المساحات الخضراء، كان (وادي السيل) اسماً على مسمى كانت  الأمطار في أواخر الستينيات تهطل على البلاد بغزارة وكان حينها واديا منزلقا تسيل فيه المياه وقت هطول الأمطار الغزيرة وكان يجرف في طريقه كل الأواني والمستلزمات من المنازل كان السيل قويا، بحيث يجرف حتى الأطفال إذا انزلقت رجل أحدهم ويشكل شباب الحي فرق إنقاذ. ذهبت تلك الأيام واختفت بهجة المطر وروعته التي كنا نستمتع فيها خاصة وأنها تهطل في موسم الشتاء المرتبط بإجازة الربيع حيث يعج (الفريج) بالحيوية والنشاط ويمرح أبناء الحي في تلك الأجواء الجميلة التي غمرتها المدينة بأجوائها المفيدة والجديدة على مجتمعنا.. ندعو الله أن يعيد لنا أمطار الخير وأن يكون سقيا خير وبركة على العباد والبلاد، كما هطلت أمطار الخير على أخوتنا في جنوب المملكة العربية السعودية وأن نلبي دعوتهم في مشاركتهم السياحة في تلك المناطق التي تستعد لاستقبالنا بحفاوة وترحاب. وسلامتكم...