11 سبتمبر 2025

تسجيل

الـزيارة التي تحمل ألف معنى ومعنى !

31 يناير 2022

لا تخبروني عن مساحة الدول ولا عن اتساعها ولا عن خطوط الطول والعرض لها ولا عن امتدادها ولا عن بسط أراضيها ولا فسحة سمائها، ولكن أخبروني ماذا أدت؟ وما هي إنجازاتها؟ وما تفعله في الداخل وما قدمته للخارج؟ وكيف تمسك عصا السياسة من المنتصف ثم تلوح بها؟ وكيف تحل مشاكلها بالرجوع لطاولة الحوار؟ وكيف تقيم إصلاحاتها الداخلية على أساس الشورى؟ وكيف تنشئ مجالسها الرسمية بمشاركة الشعب؟ وكيف يشارك هذا الشعب في صنع قراراتها التي تحافظ به على شكل المجتمع وقيمه ومبادئه والعادات التي تربى عليها منذ عصور الأجداد المؤسسين له؟ وكيف تسمو هذه الدول بعلاقاتها الطيبة مع جيرانها وإقليمها والعالم بأسره ثم تمد يد الصداقة لمن لم يدخل بعد دائرة تلك العلاقات الطيبة بمزيد من الحفاوة؟ وأيضا لا تخبروني عن لغة الدول التي تهدد وتتوعد وتزبد وترغي وتغضب وتتجه إلى لغة السلاح التي تكون سيدة المواقف في ميادين الحرب ولكن دعوني أخبركم عمن تهدأ ويتملكها الحلم ثم الصبر وتقاوم بكثير من التعقل والهدوء ثم تنتزع حقوقها دون إطلاق رصاصة واحدة في الهواء حتى وإن كانت ابتهاجا بنصرها، وعليه دعوني اليوم أتقدم بكل فخر لأقول إن دولة قطر هي من عنيتها بكل سطوري أعلاه وأنا فخورة أنني أكتب عن بلادي اليوم تماشيا مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد للولايات المتحدة الأمريكية ولقائه المزمع عقده اليوم مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في زيارة تلقى مزيدا من الاهتمام العالمي، ذلك أن هذا اللقاء يمثل أولا المكانة التي تحظى بها قطر عند نظيرتها أمريكا التي تعي جيدا أن هذه المكانة لم تكن لتثبت دعائمها التاريخية من لا شيء ولكنها علاقات قوية مبنية على تبادل المصالح المشتركة وما يمكن أن يجعل الدوحة مركزا محوريا في المنطقة وهذه الزيارة إنما تثبت لكل من حاول تعكير صفو العلاقة بين الدوحة وواشنطن أن جهودهم إنما تنحى نحو هاوية لم يسقط فيها سواهم، لأن السياسة المتزنة التي انفردت بها قطر لم تكن إلا لتعلو بها مجددا في كل مرة يتوقع البعض أنها سوف تسقط أو تنجرف لمستوى أضغاث أحلامهم ولكن تسمو قطر كما لم يرتق غيرها نحو القمة، ذلك أن السياسة التي تمتاز بها لا تقوم على التهويش كالذي اعتاد البعض وإنما تيقنت أن إمساكها بتوازن خير من ترجيح طرف على آخر، ولذا فواشنطن تحترم في الدوحة احترامها لوعودها واتفاقياتها والدور الذي تقوم به كوسيط نزيه ومحايد في الخلافات التي تعرض الدوحة وساطتها الناجحة فيها أو طلب هذه الوساطة من الأطراف المؤمنة بحيادية الدوحة في رعايتها لسير المفاوضات وحتى الوصول إلى مرفا يأمن له الجميع فيرمون أثقالهم ومشاكلهم جانبا ويمضون حسب الخطة الموضوعة للإصلاح والحل بإذن الله. اليوم سوف نرى ذاك الترحيب بضيف الولايات المتحدة الكبير وتلك القامة القطرية البارزة المتمثلة في شخص سمو الأمير، حفظه الله، وهو يلتقي مع جو بايدن وعقب الانتهاء فعليا من الأزمة الأمريكية الأفغانية التي لعبت الدوحة دورا كبيرا في طي هذا الملف وإنهاء التواجد الأمريكي بعد قرابة 20 عاما في أفغانستان، بالإضافة إلى سهولة تسيير صفقة تبادل الأسرى بين الجانبين وعمل الدوحة الدؤوب في إنهاء هذه الوساطة بالصورة التي تم الاتفاق على بنودها في الاجتماعات التي تكررت في الدوحة واتفق بموجبها الأفغان والأمريكان على تنفيذها بحسب مسؤولية كل طرف فيها، ولذا تأتي هذه الزيارة تقديرا بلا شك للجهود القطرية واستكمالا لما بدأه الشريكان الأمريكي والقطري في تعزيز علاقات بلديهما المميزة التي سوف تزداد مقارنة بما يجب أن تكون عليه في ظل تحديات منطقتنا الغارقة في أزمات لا تعد للأسف ومشاكل لا تحصى، لأننا موقنون بأن الولايات المتحدة الأمريكية عامل أساسي في حل هذه الأزمات والحل يتطلب العلاقة الطيبة لتصبح الأمور طيبة بإذن الله. [email protected] @ebtesam777