11 سبتمبر 2025
تسجيلأنا واحدة من جيل من لم يحظ باختيارات تعليمية مثل الحالية، فلم تكن هناك خيارات من المدارس الخاصة مثل الوقت الحالي، ولم تكن هناك جامعات غير جامعة حكومية واحدة، ومع التطور في التنمية ومن ضمنها قطاع التعليم بات هناك خيارات تعليمية كثيرة في بلادنا، وتسهيلات أكبر للتعلم في الخارج، فبات التعليم من الأمور البسيطة، وخصوصا للراغبين في إكمال تعليمهم العالي كالماجستير والدكتوراه. ولكن ما نراه حاليا بأن هاجس الحصول على اللقب العلمي بأن يسبق اسمك حرف "د" هو الغاية الوحيدة، ولا علاقة لما يجب أن يتضمنه من أهداف سامية، أهمها الزيادة في العلم والتبحر في التخصص والسؤال الذي يجب أن يتم طرحه؛ هل أنا في مجال أحتاج الى أن أحمل هذه الشهادة الأكاديمية؟ أو أن حصولي على الشهادات المهنية يفيدني أكثر في مجال عملي؟ وللأسف تفاقمت المشكلة بشكل أكبر عندما نرى أن هناك من يشتري هذه الشهادات بشكل أو بآخر، ومحاولة مني لأستوعب ما هو الهدف من وراء كل ذلك سألت إحداهن والتي تدرس حاليا الماجستير في إحدى العواصم الأوروبية، والتي لم تذهب لهناك بسبب فيروس كورونا علما بأنها لا تعرف من الإنجليزية أكثر مما يعرفه طلبة المرحلة الابتدائية! فسألتها عن أسباب دراستها للماجستير وهي لا تريد أن تغرف من مناهل العلم والمعرفة، فبررت ذلك بأنها ستحصل على شهادة تؤهلها للترقي في العمل مستقبلا وهذا كل ما في الأمر، فاستفسرت عن كيفية قبولها في الجامعة بدون شهادة الايلس فقالت "بركة فيروس الكورونا" وأنها حاليا تدرس وتحاول أن تتعلم الإنجليزية، لأنه سيبقى لها فصل واحد وربما تحتاج أن تكون في الجامعة!. وفي اخر محاولاتي الفاشلة لإشعارها بمدى فداحة فعلتها سألتها؛ ألا تعتقدين بأن جهة عملك ربما ستعتمد عليك في استقبال الوفود الاجنبية أو عمل عرض لأي من المشاريع باللغة الإنجليزية والتي يتوقعون منك أن تكوني ضليعة فيها بسبب حصولك على هذه الشهادة؟ ردت كلا لا مستحيل؛ فنحن نتعامل باللغة العربية فقط وإن حصل ذلك مستقبلا سأوظف من تجيد اللغة الإنجليزية لتقوم بهذا الدور. فرفعت الراية البيضاء وغيرت الموضوع، لأنني أحسست بحزن كبير فجلست أتذكر معاناتي في الدراسة لمدة سنتين في الولايات المتحدة الامريكية للحصول على العلم والشهادة، والتي أتشرف بأنني حصلت عليها مع مرتبة الشرف وأنا فعلا أعتز بهذا الإنجاز ليس فقط لحصولي على الشهادة، بل للفكرة الإيجابية التي أعطيتها لمن أشرفوا على تعليمي، وأنا طالبة أرتدي الحجاب ومجتهدة في دروسي وحاولت التوفيق بين دوري كأم وطالبة ونجحت بفضل الله وظهرت نتائج ما استقيته من علم وما تم تدريبي عليه في الدراسة في الأعمال التي عملت بها لاحقا. ختاما، لا أحترم سراق المؤهلات العلمية، والذين سرعان ما ينكشفون عندما تتعامل معهم، فعند أول نقاش علمي تصدم بضحالة معلوماتهم، ومن جهة أخرى تجد ممن يحمل شهادة البكالوريوس لديه من العلم والدراية أكثر بكثير من حملة الشهادات ذات العلم الضحل أو المدفوعة الثمن، وذلك لأنه طور وثقف نفسه ذاتيا. إنني أشجع على العلم والتعليم والثقافة، ولكن حسب نوع الحاجة له، فقد يكون يحتاج للتبحر فيه من الناحية العلمية أو العملية والمتابعة الدائمة للمستجدات في المجال، وإنني لا أحترم سراق الشهادات ومن يشترونها بدون أن يستفيد عقلهم بالعلم، فهم مكروهون من ناحية الدين والأخلاق ويخدعون أنفسهم قبل غيرهم. [email protected]