15 سبتمبر 2025

تسجيل

وتَساقَطت أوراقُ الكَذِب!

31 يناير 2018

لم تنجح خطة دول الحصار في استغلال المواطن القطري الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، واستخدامه رغماً عن إرادته في إثارة قلاقل في دولة قطر. بدأت الحكاية عندما ظهر الشيخ في وسائل الإعلام بدول الحصار مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 16/8/2017 بقصر السلام بجدة، وفي اليوم التالي شوهد مع الملك سلمان بن عبدالعزيز في مقر إقامته في مدينة (طنجة) المغربية، وإبرازه كوسيط لحل أزمة الحجاج القطريين والمقيمين في قطر، وهو ما نفته دولة قطر. وقامت السلطات في دول الحصار بتوفير حساب ( تويتر) مزعوم ومنسوب إليه، وكانت آخر تغريدة للرجل قد ظهرت في الحساب يوم 14/10/2017. وغاب الرجل عن المشهد حتى ظهر يوم الأحد قبل الماضي، حيث كشفَ عن اعتقاله ضد إرادته في أبوظبي، وبدا فيها هزيلاً ومُنهكاً. ولقد أُدخل المستشفى في أبوظبي تحت حراسة مشددة. ويوم الثلاثاء الماضي وصل مع أفراد من أسرته إلى الكويت، حيث أُدخل المستشفى. وطبقاُ لجريدة (الشرق) القطرية، فإن الشيخ عبدالله قد كشف عن خفايا محاولة انتحاره، ودور ولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي في الأزمة التي تم افتعالها ضد دولة قطر. وقيل عند السماح له بالسفر، إن أبوظبي طلبت من المملكة العربية السعودية استقباله، إلا أنه هذه الأخيرة رفضت، خوفاً من التورط في مسألة حياته، وأثر ذلك في كشف المزيد من الأسرار المتعلقة باعتقاله وبالحصار عامة. لم نكن مع المواطن القطري عند اعتقاله، ولكن يبدو أن ضغوطاً كبيرة مورست عليه من أجل القيام بدور لتأزيم الأزمة وتطويرها. وفي شريط مُسجل أشار الشيخ علي بن عبدالله إلى أنه "موجود الآن في أبوظبي، كنت ضيفاً عند الشيخ محمد، وأنا الآن في وضع حرج، قالوا: ما تطلع"!؟ وواصل: "إذا صار علي حاجة، فأهل قطر وقطر بريئة منها، وأنا في ضيافة الشيخ محمد، وإذا صار أي شيء بعد الآن، هو يتحمل كامل مسؤوليته"!. كانت وسائل الإعلام في دول الحصار قد أعلنت أن الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني هو الحاكم القادم لقطر، بل إنها روّجت أنه سيجلس في مقعد قطر في القمة الخليجية التي عقدت في ديسمبر الماضي بالكويت. ولم يحصل ذلك! شريط آخر يُثبت أن الشيخ عبدالله كان محتجزاً لأنه كان جالساً على نفس الكرسي الذي جلس عليه مرشح الرئاسة المصري (أحمد شفيق) قبل ترحيله إلى القاهرة. بطبيعة الحال لم يكن لهذا الشريط أن يخرج لولا موافقة السلطات في أبوظبي.  بعد سقوط العديد من الأوراق، تكشف لنا هدف الحصار، وهو الرغبة في الاستيلاء على ثروات قطر، وأن المطالب الثلاثة عشرة التي لم تنفك دول الحصار عن ترديدها، قد تم نسيانها. إذ لم يكن الحصار بسبب الإرهاب، أو العلاقات مع إيران، أو وجود عناصر إرهابية في قطر ويتوجب تسليمهم لدولهم، أو إغلاق القاعدة التركية في قطر، أو إغلاق قناة الجزيرة، ولا التجنيس، ولا قوائم المعارضين، بل كان موضوع البند الثامن من المطالب هو الأساس في فرض الحصار، والذي يقول: "التعويض عن الضحايا والخسائر كافة، وما فات من كسب للدول الأربع بسبب السياسة القطرية خلال السنوات السابقة، وسوف تُحدد الآلية في الاتفاق الذي سيُوقع مع دولة قطر". هذا هو مربط الفرس في تضاعيف الأزمة التي افتعلتها دول الحصار. ونلاحظ على تلك العبارة أنها فضفاضة ومكتوبة دون سند قانوني أو موضوعي، حتى عبارة (وما فات من كسب للدول الأربع بسبب السياسة القطرية خلال السنوات السابقة) لا يوجد تاريخ محدد، هل هو عام 1995، أم منذ استقلال دولة قطر؟  ثم ما هو "الكسب" الذي فقدته دول الحصار؟ العبارة كتبت بلغة "بلطجية" وقُطّاع طُرق، ومن المعيب أن تخرج في بيان يوقعه وزراء الخارجية في دول الحصار. قانوناً: لا يجوز "الانقضاض - على الطريقة الهولاكية – على دول مستقلة ذات سيادة، وعضو مؤسس في مجلس التعاون، وعضو في جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأمم المتحدة. أخلاقياً: إن التاريخ المشترك وما قدّمته قطر للمحتاجين في العالم، ومبادراتها الدبلوماسية لحل كثير من النزاعات في العالم، وتقارب العائلات الخليجية، وتماثل الأنظمة السياسة في المنطقة لا تغفر ما قامت به دول الحصار، لأن قطر كانت دوماً سنداً للدول الشقيقة والصديقة، وهي لم تتدخل في أي من دول الحصار، إلا عندم يُطلب منها التوسط لحل قضية معينة. حضارياً: الدول في هذا العصر تحلُّ مشاكلها عبر الحوار المسؤول، وليس عبر الحصار، وتعريض حياة المواطنين في المنطقة بأسرها للأذى دون سبب. وإذا كان لدول الحصار أية مطالبات مالية، كما جاء في قائمة المطالب الثلاثة عشرة، لماذا لم ترفعها إلى محكمة العدل الدولية أو الأمم المتحدة؟! إن هذا اللجوء غير الحضاري إلى الحصار، وتبريره في وسائل إعلام مارست التضليل والكذب والتطاول على الحرمات في قطر منذ 5/6/2017 وحتى اليوم ، قد أضَرَّ بسمعة دول الحصار، والتي تتكشف حقائقها يوماً بعد يوم، ولم يكن آخر ذلك احتجاز المواطن القطري الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، رغم إرادته، وممارسة ضغوط عليه مخالفة لحقوق الإنسان، وهو رجل مصاب بالسُكري والضغط. وعلى اتصال بهذا، فإن تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان قد ساند موقف دولة قظر، وكشف الألاعيب التي مورست خلال فترة الحصار، حيث احترقت مزيدٌ من الأوراق التي تلعب بها دول الحصار. لقد سارت دولة قطر في طريقها، داوت جراح الأشقاء، ومهدت الطريق لشعبها في اتجاه جديد، أعلنه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وتسامت قطر قيادة وشعباً عن المغامرات والسياسات الطائشة واتّباع تحالفات الشيطان من أجل تنغيص حياة الشعوب، وإشغالها عن تحقيق التنمية أو عن حقيقة المشكلات التي تُعاني منها تلك الشعوب. لقد كسبت دول قطر احترام العالم والمؤسسات الدولية والحقوقية، بسبب اتزان سياساتها الخارجية، وعقلنة حوارها مع الآخر، ولم تكن لتردّ على الإعلام المتشنج، بل قدّمت للعالم حقائق دامغة وموثقة عن كل واقعة أو ادّعاء يظهر في إعلام دول الحصار. كما أنها وثّقت الأضرار التي لحقت بمواطنيها لدى الجهات الدولية نتيجة للحصار. نحن نعيش عالماً متحضراً، ولا يجوز أن يستمر هذا التراشق الإعلامي غير المسؤول الذي لن يضّر دولة قطر، قدر إضراره بدول الحصار وكشفها أمام العالم. نحن نتوقع أن تحترق أوراق جديدة من التي يتم اللعب بها في دول الحصار، بعد أن اقترب الحصار من شهره الثامن. ولم تفد كل الأوراق السابقة، بالطبع لن تتأثر دولة قطر بأية ورقة – مهما كان حجمها – لأن "المتلاعبين بالنار" سوف يحرقون أياديهم.