17 سبتمبر 2025
تسجيلصحيح لقد حصلت مفاجآت في الانتخابات التشريعية الصهيونية. لكن الجوهر لم يمسسه شيء وبقي العنوان: "المزيد من التطرف " هو عنوان المرحلة الإسرائيلية القادمة. فقد دللت النتائج شبه النهائية لانتخابات الكنيست التاسعة عشرة: فوز المتطرفين والأكثر تطرفا الذين حصلوا على الغالبية النسبية من الـ 120 مقعدا (أكثر من 60 صوتا). الأمر الذي يشي بأن الحكومة القادمة ستكون أكثر تطرفا من الماضية (القائمة). نرى من الضروري بداية توضيح مفهومي: اليمين واليسار في إسرائيل: إنهما نسبيان، قد ينطبقان على مفاهيم الأحزاب فيما يتعلق بالحياة الداخلية الإسرائيلية بتطبيقاتها الاقتصادية بشكل خاص، لكن المفهومين لا ينطبقان على وجهات النظر السياسية لكلا أحزاب اليمين وما يسمى باليسار، فباستثناء الحزب الشيوعي والقوائم العربية. فإن كافة أحزاب المعسكرين صهيونية حتى العظم، ولا يمكن الجمع بالطبع بين الصهيونية كمعتقد أيدلوجي -سياسي وبين مفهوم اليسار بمعناه العلمي المصطلح والمتعارف عليه. لذلك فيما يتعلق برؤية الأحزاب الإسرائيلية للتسوية (ما يسمى بالسلام) مع الفلسطينيين والعرب، فإن الأكثر دقة في توصيف هذه الأحزاب جميعها هو القول: الأحزاب الأقل تطرفا. الأحزاب المتطرفة. والأحزاب الأكثر تطرفا وهذه تتضمن الأحزاب الفاشية. إن مظهراً آخر يتلازم مع مفهوم الصهيونية هو مفهوم العنصرية بكافة أشكالها وصولاً إلى الفاشية، فالحزب الذي يعتنق الأيديولوجيا الصهيونية هو بالضرورة على أتم الاستعداد لتبني الفاشية وإن ادّعى عكس ذلك في سياساته. كثيرون من المراقبين رأوا في فوز قائمة الحزب الجديد: "يوجد مستقبل "ييش عتيد " بـ 19 مقعدا. إضعافا لنتنياهو. باعتبار الحزب ينتمي إلى تيار(الوسط)! أن هذا الحزب يختلف مع الليكود في السياسات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية وليس في السياسات وتحديدا في التسوية مع الفلسطينيين والعرب. لذلك سارع نتنياهو بُعيد إعلان النتائج إلى التصريح: بأنه بدأ مشاوراته مع هذا الحزب لضمه إلى الائتلاف الحكومي القادم. أما زعيم الحزب يئير لبيد فقد صرح قائلا " بأنه لن يعمل مع ائتلاف يهدف إلى منع نتنياهو من تسلم رئاسة الحكومة". حزب " شاس " للمتدينين الشرقيين حصل على 11 مقعدا. حزب " البيت اليهودي " حصل على 11 مقعدا. حزب " يهودات هاتوراة " حصل على 7 مقاعد . فحتى من دون " ييش عتيد " يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة بأغلبة 61 مقعدا وبه" يوجد مستقبل " تصبح مقاعد الحكومة 80 مقعدا. نتنياهو قد يستجيب لبعض اشتراطات حزب " ييش عتيد " الاقتصادية والاجتماعية من أجل ضمه إلى الائتلاف الحكومي مثلما فعل مع الأحزاب الدينية ما دامت كافة هذه الأحزاب متفقة على السياسات الاستيطانية وعلى المواقف من التسوية. أن السياسات العامة للحكومة الإسرائيلية القادمة ستتلخص فيما يلي: على صعيد الداخل الإسرائيلي:فإن نسبة تدخل الأحزاب الدينية في الشأن السياسي سيتزايد،الأمر الذي يجبر الحكومة الإسرائيلية القادمة(المؤهلة في الأساس) على الانصياع لطلبات واشتراطات هذه الأحزاب في الحياة الاقتصادية والأخرى السياسية والتطبيقات الاجتماعية أيضاً، وهذا أكثر ما شهدناه في الحياة الإسرائيلية. في الائتلاف الحكومي(القائم) الذي يقوم بتصريف الأعمال حاليا. وهو سيتزايد في المرحلة القادمة، ذلك سيؤثر اقتصادياً على إسرائيل من ناحية اقتطاع مليارات من الشواقل لصالح هذه الأحزاب من الميزانية الإسرائيلية وسيزيد من نسبة العجز الحالية. هذا بدوره سيؤدي إلى اقتطاعات كبيرة من أموال أشكال الضمان المختلفة: لتلبية احتياجات واشتراطات هذه الأحزاب وسط مظاهر يتآكل فيها في القطاع العام لصالح الخاص (سياسة نتنياهو). الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى أشكال كبيرة من الاحتجاجات. على صعيد أهلنا في منطقة 48: ستشهد المرحلة القادمة المزيد من التضييق عليهم في إسرائيل بالمعنيين الحياتي بكافة أشكاله وسبله،والقانوني من خلال سن قوانين عنصرية جديدة ضدهم. وسط أجواء من تصاعد وتنامي المظاهر العنصرية في الدولة الصهيونية. سيتفنن اليمين الأكثر تطرفاً في إسرائيل في اختراع الأساليب التي يستطيع من خلالها إجراء ترانسفير للكثير من العرب، وفي خلق التعقيدات السياسية الاقتصادية،الاجتماعية لهم حيث تتحول حياتهم إلى جحيم،بحيث يتم دفعهم دفعاً(وبخاصة الشباب) إلى الهجرة الطوعية. كذلك ستزداد الدعوات إلى تحقيق شعار"يهودية دولة إسرائيل" لتكون خالصة نقية لليهود دون وجود العرب فيها. على صعيد التسوية مع الفلسطينيين:بدايةً فإن كافة الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية هي مع إبقاء القدس"عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل"وهي ضد حق العودة للاجئين، ومع اللاءات الأخرى الإسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية. وهي مع الاستيطان الذي ستزداد وتائره حيث إن نسبة ما تبقى للواهمين بإقامة الدولة الفلسطينية من مساحة فلسطين التاريخية ستقل كثيراً عن النسبة الحالية(12% وليس 22% وفق آخر الإحصاءات) حيث يستحيل بشكل مطلق إقامة هذه الدولة بالمعنى الواقعي-العملي.ثم إن كافة الأحزاب الإسرائيلية: المتطرفة والأكثر تطرفا: مع بقاء التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية،وهذا ما يدعو إلى التساؤلات:ماذا سيبقى من أراض لإقامة دولة عليها؟أين هي الفروقات في رؤية التسوية بين الأحزاب الإسرائيلية؟أين هو اليمين وما يسمى باليسار في هذه التشكيلات الحزبية؟ على صعيد التسوية مع العرب:إذا كان من يسمون بــ(الحمائم) في إسرائيل مثل: بيريز ،أولمرت، تسيبي ليفني، كانوا قد رفضوا ما يسمى بــ(مبادرة السلام العربية) ولكن بكلمات دبلوماسية.إذا كأن هؤلاء قد رفضوها صراحة(مع أنها تتجاهل حق العودة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة) فهل سيقبلها نتنياهو وليبرمان وعوفوديا يوسف؟ إسرائيل باختصار تريد استسلاماً كاملاً من العرب والفلسطينيين على قاعدة"السلام مقابل السلام"و ليس "السلام مقابل الأرض". على الصعيد الخارجي: ستقبل الولايات المتحدة والعديد من الدول بإسرائيل أيّاً كان يحكمها. وبعد:ألم يحن الوقت لنا كفلسطينيين وعرباً أدراك حقيقة إسرائيل وجوهر الصهيونية؟وأن نبني الاستراتيجية والتكتيك السياسي المفترضيْن الموائميْن لطبيعة هذه الدولة؟وأن نحرر عقولنا من أوهام: إمكانية قيام سلام مع هذه الدولة؟ وأن نستعد لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة؟ الحكومة القادمة في الكيان الصهيوني ستستمر في فرض حقائقها على الأرض. دون إعارة الاهتمام لا لقوانين دولية ولا لخواطر آخرين. الكرة الآن في الملعبين: الفلسطيني والعربي فهما المطالبان بمواجهة التآمر والمخططات الصهيونية.