10 سبتمبر 2025
تسجيلأحيانا ينتابنا شعور غامض يجعلنا نتوقع شيئا ما، نحو أمر أو شخص ما بلا عوارض أو مقدمات، نشعر أن شيئا داخلنا يحذرنا منه، ولا شك أن الكثير منا لو عاد بذاكرته للوراء قليلا لوجد الكثير من المواقف التي تتوافق مع هذا الشعور لا بد أن تكون قد مرت به. هناك مثل أجنبي يقول: (ثق في أحاسيسك)، وهو ما اعتقد به كثيرا، فقد صادفت العديد من البشر كنت أكذب كل أحاسيسي الداخلية بشيء ما يرفضهم، ويشعرني بعدم مصداقيتهم رغم اتضاح عكس ذلك، فكنت أجبر نفسي على التواؤم معهم، لكن الحياة والأيام والمواقف تجعلني أعود لأذكر ذلك المثل وإنه كان عليّ أن أثق فيما صرخت به مشاعري وأحاسيسي عندما أكتشف بعدها أنها كانت في محلها. فهل علينا حقا أن نثق في أحاسيسنا تجاه أمور حياتنا؟. قرأت ذات مرة تحقيقا صحفيا يتناول هذا الموضوع عن فتاة ومع تجربتها في العمل من أول يوم، قالت إنها ما أن تسلمت مهام عملها الجديد ودخلت إلى الغرفة الكبيرة التي تضم مجموعة من المكاتب لمجموعة من الموظفات، انتابها شعور رهيب بالنفور من إحداهن وكانت على مدى الأيام تخبئ تلك الأحاسيس وتحاول أن تطرد ذلك الشعور البغيض وتشعر بنوع من تأنيب الضمير نحو مشاعرها غير المبررة بعدم الرغبة في مجالستها أو الحديث معها أو حتى احتمال صوتها، كل ذلك لمجرد ذلك الشعور الذي انتابها لأول مرة، وبعد أن توثقت علاقتها ببعض من معها من الزميلات أباحت لهن بذلك الشعور الذي يؤرقها بعدم الشعور بالطمأنينة نحو تلك المرأة الذي يصل أحيانا للدرجة التي تجعلها تتغيب عن العمل كي لا تراها، فاستنكرن ذلك وقمن بنصحها بمحاولة التخلص من هذه الأحاسيس المبالغ فيها، وحاولت جاهدة أن تبدأ في مد جسر ضعيف من الكلمات والتواصل طلبا لاستدعاء شيء من الود، ومع مرور الوقت ومن خلال بعض المواقف الصغيرة بدأت تفهم وتتضح لها صحة مشاعرها التي لم تتقبلها يوما، وبعد فترة حدث موقف كبير تسببت فيه تلك الموظفة بكل خبث ودناءة في مشكلة كبيرة للمقربين منها من الزميلات تمس صميم حياتهن الشخصية، واتضح للجميع أنها ليست سوى أفعى ملونة تعيش بينهم مما جعلها تغير عملها بأكمله. ولا أنسى جارتنا القديمة التي جاءت إلى أمي يوما تشتكي وتلوم نفسها لأنها أرغمت ابنها على الزواج ممن اختارتها هي له، وإنه قال لها إنه لا يشعر بالارتياح معها، وإن شيئا في داخله يصر على رفضها، وإنه حذرها يوما من الاستمرار بمشروع الزواج هذا، وإن إتمامه سوف يكون لإرضائها فقط، فأصرت بأن الحب والقبول سوف يأتي بعد الزواج، فلم يأت الحب ولا القبول، ولم يستمر الزواج. قد تكون أحاسيسنا خاطئة أحيانا، لكنها قد تصدق كثيرا، من المهم أن نثق في أحاسيسنا، نصغي إليها، نلتفت إلى إصرارها ولا نتجاهلها، ونتوجس الحذر ممن يصر داخلنا على رفضهم. فما زلت ممن يعتقد أن قلب المؤمن يستشف الخير ويستدل عليه، وينقبض من الشر وينفر منه. وفي النهاية وفي أي مكان وزمان أنت فيه، استمع إلى صوت قلبك، وثق في أحاسيسك. [email protected]