11 سبتمبر 2025

تسجيل

وجوه

28 نوفمبر 2013

كان الإزدحام شديدا بشارع أكسفورد الشهير بلندن مما جعله يعج بالحياة، عندما قررت أن أستمتع بالمشي فيه، خاصة مع وجود الأنوار والزينات التي امتدت على طول الشارع استعدادا لأعياد العام الجديد.كان أكثر ما لفت نظري هو إزدحام الوجوه فيه من كل شكل ولون، كل وجه لو تمعنا فيه لوجدناه يعبر عما بداخله، هناك الوجه الباسم والضاحك، المتعب والمتهور والهادئ وأصناف لا تعد من أشكال للتعابير، وكأنهم لوحة فنية اسمها وجوه، بريشة فنان تائه في الزحام.الوجوه كم تأخذك إلى عوالم، وكم لها من أثر فينا، الوجوه كالقلوب تماما قد تحتضنك بود، وقد ترفضك بقوة، وكالأفواه التي قد تحتويك بكلمات الحب، وقد تمطرك بوابل من اللوم والتوبيخ لا تعرف له سببا.أحب أن أرى تعابير وجوه الناس، ربما لأنني ممن يشعر بأن هناك وجوها تشع بالمحبة والطيبة يروق لي أن أراها، فهناك وجوه لا تغيرها تقلبات الحياة حلوها ومرها، تراها دائما تبدو في حاة إيجابية تأخذك بطيبتها وأصالتها، وهناك من الوجوه من يحركها ترمومتر الحياة بشدة، وتراها تتقلب في مزاجيتها قد تضحك في وجهك يوما، وقد تعبس بلا سبب في يوم آخر. وهناك وجوه تغيرها المادة بشدة، كوجوه كثيرة مرت في حياتي، تغيرت كثيرا بمجرد أن ارتفع مؤشر بعض الشركات في سوق الأسهم. ما أثار هذا الموضوع في بالي اننا قبل سنوات فقط، كنا عندما نتصادف مع بعض الأصدقاء أو الأهل أو الجيران من خلال السفر، في أحد المحال الشهيرة بالعاصمة لندن أو بعض أسواقها المعروفة لدينا نحن العرب، يأخذنا الوقت ونحن نتبادل الأحاديث السريعة والضحكات وكلمات المحبة والشوق لأن نجتمع، وكل منا يحدث الآخر عن الأفضل الذي وجده في جولة تسوقه، وعن قائمة مشترياته التي لا تعتبر سرا، مع بعض النصائح من القلب.وقد اختلفت بعض الوجوه الآن بسبب حفنة من المال، جعلت عيونهم ثقيلة جدا من أن تنظر لقريب أو جار أو صديق، وجعلت ألسنتهم أثقل من أن تنطق بكلمة السلام، وجعلت شفاههم تشح بابتسامة لا تريد من ورائها صدقة.رأيت بعض الوجوه التي تعرف من أمامها جيدا، ولكن ليس لديها من الوقت كي تبتسم أو تلقي السلام ففضلت أن تحول من أمامها في لحظة إلى نكرة. ما يشعرني بالأسف أنني رأيت البعض ممن أصابهم هذا الداء،وقد لا يمكن أن نغير شيئا بمجرد كلمات نشعر فيها بالأسف على هوان الود، لأننا لا نستطيع مهما حاولنا أن نحكم نفوس وأطباع البشر، لكنه هو التحسر على بعض العلاقات الجميلة التي تحولها المادة إلى جماد، آملة أن تظل وجوه من أحبهم باسمة دائما، تستقبل إشارات الحب والطيبة من القلب، وترسمها وجها حبيبا قريبا لكل القلوب..