10 سبتمبر 2025

تسجيل

فظائع الصهاينة وفلسطين «الشهيدة»!

30 ديسمبر 2023

قدرا وقع أمامي كتاب قديم جدا بلا سنة الطبع، ولكنه من الورق الأصفر العتيق، ويُقال بأنه مطبوع سنة 1938م، ومجهول المؤلف، وهو بعنوان (فلسطين الشهيدة)!، والكتاب عبارة عن سجل مُصوّر لبعض فظائع الصهاينة في فلسطين، للفترة من 1921 إلى 1938. ويُسلط الضوء على الثورات الفلسطينية، ويكشف عن أن الثورة الأولى وقعت في القدس بالعام 1920، ولكن لا توجد أي صور توثقها. وكانت الثورة الثانية بمدينة (حيفا) وما جاورها من المدن، وامتدت حتى طول كرم، ووقعت في بداية آذار/ مارس 1921، وارتكب اليهود خلالها الكثير من الفظائع، ومنها الاعتداء على النساء والأطفال، واستخدموا ماء الفضة لحرق الوجوه وتشويهها!. وقد وثقت حينها صورا لامرأة حرقوا وجهها ومواضع من جسدها بماء الفضة!. وقد اعتقل الإنجليز، وقتها، أربعين فلسطينيا، وسلموهم إلى اليهود بمستعمرة (ملبس) والذين بدورهم أجهزوا عليهم جميعا!. ومن بين الصور البشعة صورة لرجل عربي صَوّب اليهود إليه بندقية صيد فشوهوا وجهه وأحرقوا عينيه، وصور لجرحى فلسطينيين من الأطفال وكبار السن في المُسْتَشْفَيَيْن الفرنسي والإنجليزي بيافا. وقد أحرق اليهود العديد من منازل يافا، ومنها بيت (آل ساق الله)، وكان مجاورا لليهود فخربوه وحطموا ما فيه، ومزقوا القرآن الكريم. ويشير الكتاب إلى أن ثورة عامة كبرى وقعت في 23 آب/ أغسطس 1929 وشملت مدن القدس والخليل وصفد ويافا وحيفا، و(قضاء) غزة، هكذا كانت تسمى غزة حينها، وانطلقت بعد اعتداء اليهود على البراق الشريف والمسجد الأقصى. ومن الصور الموثقة للثورة بحيفا، في آب/ أغسطس 1929، صورة (أم الرفاعي) المرأة التي جَرحها الجيش الإنجليزي، وسهيلة بنت الحاج علي المجدلاوي، وجُرحت برصاص اليهود، وطفل جريح برجليه وحاجبه، وهنالك صور أخرى لمجموعة من الجرحى بحيفا أيضا. ويؤكد الكتاب أن من أوائل شهداء المشانق الشهيد «فؤاد حجازي» من «صفد»، والشهيد «محمد جمجوم» من الخليل، وقد أُعدما في سجن عكا يوم 17 حزيران/ يونيو 1930. وعادت المظاهرات في القدس يوم الجمعة 13 تشرين الأول/ أكتوبر 1933، وبعدها بأسبوعين انطلقت مظاهرات أخرى في يافا، وقُدِّرت أعداد المتظاهرين بعشرات الآلاف. وقد داست خيول الشرطة الإنجليزية (البوليس) المتظاهرين، قبل أن يهاجمهم المتظاهرون بالحجارة، مما دفع الشرطة للهروب من مكان المظاهرة بيافا. وحدثت ثورة كبرى جديدة في 19 نيسان/ أبريل 1936، وامتدت، وبشدة، حتى ساعة توثيق الكتاب في تشرين الأول/ أكتوبر 1938. وكان من أبرز فظائع اليهود تدمير المدن والقرى والجوامع والمصانع ونسفها بالديناميت، وبالذات في يافا القديمة، ووصلت جرائم التفجير لمنازل وجوامع وأسواق مدينة جنين، وقرى كوكب أبو الهيجا، وباقة الغربية، وشعب، والزيب، وقولية (قولة)، وقرية البصة، التي دُمّرت بالمدافع وغيرها من القرى. وتضمنت عمليات التفتيش الصهيونية جرائم إعدام للفلسطينيين وقتل مواشيهم، أو مصادرتها، وسرقة الحلي والنقود والأشياء الثمينة، وحولوا القرى إلى سجون مفتوحة، فضلا عن استخدام الرجال في أعمال السخرة لفتح الطرق وغيرها. وغالبية المشاهد الإرهابية بقرية (إجزم) بجوار حيفا، وثقتها بالصورة والتعليق سيدة إنجليزية نبيلة تدعى (مس نيوتن) بعد زيارتها للقرية المنكوبة. وآخر الفظائع تمثلت بتشكيل محاكم عسكرية حكمت بالإعدام على كل من يملك قطعة سلاح أو ذخيرة، وقد حكمت على 65 عربيا، ونفذت فيهم تلك الأحكام الباطلة، وهكذا يبدو أن الفظائع الصهيونية مستمرة منذ أكثر من مائة سنة، وهي تتجلى اليوم عبر وحشيتهم الإرهابية في غزة. التاريخ الصهيوني، بالأمس واليوم، مليء بالجرائم والفظائع والوحشية، وبالمقابل فإن التاريخ الفلسطيني، بالأمس واليوم، مليء بالبطولة والتضحيات والصمود.