الإيثار.. قيمة إنسانية فاضلة

يروق لي أن أرى في النفوس العظيمة ذلك الحس الوجداني النبيل، قيمة لها بعد اجتماعي وتأثيرات إيجابية نابعة من صميم مفهوم العطاء اللامحدود - حتى وإن كنت في قمة احتياجك لما تجود به من أوجه الخير بالقول او الفعل، لكنك تمتلك خصلة من أنبل الخصال من أعلى مراقي البشرية التي تخالجها في أغلب تكويناتها الطبيعية الفطرية بعض من حب الأنا وفي أحيان غير عادية حب الاستحواذ والتملك مما يقود الى بعض الأفكار السلبية مثل الحسد أحيانا وهو سلوك منبوذ وغير محمود. إن القناعة والحمد على نعم الله تقود إلى نعم الرضا والتصالح من الذات وحب الخير للآخرين.. لذلك تجد من يملكون خصلة الإيثار لديهم القدرة على التأثير الإيجابي في كل من حولهم – تجدهم محاطين بهالة من الوقار تكون بمثابة منحة منحهم لها الله اذ لهم في نفوس الناس حظوة من التقدير لأنهم يتجاسرون على احتياجهم ويعبرون إلى منطقة أخرى من التفكير في إسعاد الناس حتى وإن كانوا في احتياج أو انشغال بهمومهم الخاصة. إن أوجه الخير في البذل والعطاء لا تقتصر على العطاء المادي فقط لكنها أشمل بذلك بكثير كما هو معلوم للجميع فاني ارى أيضا للإيثار أوجها كأن تمنح الاخرين الشعور بالسعادة رغم معاناتك الخاصة ومكابدتك في رحلة النجاح في حياتك وان تضطلع بمسؤولية تجاه من حولك لتشملهم بعطاء يستحقونه في غمرة إحساسك بأنك تدور في دائرة انشغالك بتحقيق أهدافك الخاصة وأن تخصص لهم الجهد والوقت وتتنازل عن الكثير من الوقت الذي كان يمكن أن تقضيه لمنح نفسك درجات اكبر من الأنا وحب الذات تصل أحيانا لدى البعض الى الانزواء في عالم نرجسي يبعدهم عن مشاركة من حولهم أفراحهم أو معاناتهم – إن من أعظم حالات السعادة هو أن تكون سببا في إسعاد الآخرين والعطاء يعود بالنفع لك لا محالة لأن الله يعلم بما في النفوس – الله سيعوضك خيرا ويرزقك من حيث لا تدري لأن الإيثار تسام ورقي ذكره الله عز وجل في قوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) سورة الحشر الآية 9 إن الرزق لا يقتصر على النفع فقط فالرزق إما نفع أو دفع – إذا أبعد الله عنك شرا أو مكروها أو مرضا مثلا ذلك رزق أيضا ولكل من يمتلك خصلة الإيثار منال من عناية الله لأنه يتقرب بصنيع معروف يشكره الله تعالى وله انعكاسات طيبة يقدرها الناس فتجدهم يحترمون تلك القيمة ويحسون بحجم التضحيات في البذل. الإيثار له طاقة إيجابية تشعرك بقيمة ما تقدمه وتضيف لك انشراحا مبعثه أن لك إسهامات حقيقية في إسعاد الآخرين كما أن لك مكانا في درجات الخير والنماء – الإيثار أيضا يندرج في فكرة أشمل وهي أنه يرتبط أحيانا بمنفعة الناس في مسارات الخير العميمة اولئك الذين خصهم الله بقضاء حوائج الناس حببهم للخير وحبب الخير إليهم. لذك كان الإيثار وما زال وسيظل قيمة إنسانية فاضلة عميقة المدلولات تعكس مضامين سامية وراقية لكل نفس ادركت معنى العطاء المخلص.