13 سبتمبر 2025
تسجيلفي صمت مهيب ولحظة هدوء مع نفسي تأملت هذه العبارة المتداولة (المرء مخبوء تحت لسانه ) قفزت لذهني انعكاسات وارتدادات الكلمة ووقعها على النفوس.. إن التعبير عن مكنونات دواخلنا يفصح عن طرائق تفكيرنا وماهية رؤانا وثقافتنا وأسلوب تعاملنا ويوضح مدى تفهمنا للمواقف الحياتية وحجم إدراكنا لحقيقة الأشياء وفهمنا للآخرين وتفسيرنا للأمور وتحليلاتنا الخاصة لتفاعلنا مع ما يقول الناس من خلال تفاهماتنا معهم. في حراكنا اليومي نمر بالعديد من المواقف التي تعطي الآخرين انطباعا راسخا عنا بمجرد أن نتحدث في أي شيء – لذلك يجب أن نختار بعناية ما نقول.. انتقاء المفردة في حد ذاته يخضع لفهمنا للآحرين في المقام الأول لذلك التروي مطلوب قبل الإجابة - تروٍ أجده في اهتمامات المختصين بلغة الجسد يحتاج حوالى خمس ثوان لبلورة عملية الرد في العقل بحسب متطلبات الإجابة ومحتوى المتلقي موضوع الحديث بما يتناسب مع الموقف. نسعى جاهدين لفهم أنفسنا وفهم الآخرين حتى تكون تعاملاتنا سهلة ففهم الآخرين يحدد خياراتنا في انتقاء من نريدهم معنا في دائرة الصداقة.. كما يعزز من فرص تواصلنا الجيد مع الزملاء.. ويساهم في زيادة التناغم والانسجام بين أفراد الأسرة الواحدة من جهة وبين الزوج وزوجته والأبناء من جهة أخرى - كل ذلك على سبيل المثال. إن العلاقات الإنسانية في أسمى وأرقى تصوراتها تبنى على الكلمة الطيبة فهي الغرس الذي ينبت الثقة في المعاملات ويزيد أواصر المحبة والرضا ويرفع درجات الاحترام المتبادل بين الناس – لقد وصانا ديننا الحنيف بحسن التعامل والكلمة الطيبة وحسن الخلق. الكلمة هي الإطار المفاهيمي الذي يرسم صورتنا في أذهان الناس – فلنحرص على انتقاء مفردتنا بحيث لا نجرح أحدا بكلماتنا- بحيث نضمد جراح من يتألم حينما نواسيه - بحيث نقف بقوة وسند مع الضعيف- بحيث نحتوي من نحبهم ونشعرهم بالأمان – بحيث نترفع بنبل عن الصغائر ونهتم بمعالي الأمور – بحيث ندرك ونفهم مقاصد الآخرين – بحيث نساعد بلطف من يحتاج لمساعدتنا دون من أو أذى – بحيث نجامل دون سخرية من تعثر وخانته التعابير في ابداء وجهة نظره ونشعره بأهمية رأيه طالما فهمنا حسن نواياه– بحيث نروض انفعالاتنا حين الغضب بكلمات الحلم والصفح والسماح – بحيث نعزز من ثقتنا من أنفسنا وندعم بعضنا البعض في رحلة الحياة المليئة بالتحديات والسعي. حين نختار كلمات التشجيع – وحين نشارك بعضنا لحظات الفرح ونكون كالبلسم في الحظات القاسية وكالنسمة الحانية تلطف أجواء من حولنا. كم من كلمات كان لها صدى طيب في النفوس – وكم من كلمات أوجعتنا وكانت أسباب بعد وخصام.. كم من كلمات كان لها الأثر في التغيير للأفضل في حياتنا الشخصية وكم من كلمات أحبطتنا.. كم من كلمات تجاوزنا بها لحظات صعبة في حياتنا وكم من كلمات كانت لنا حياة.. فلنحرص على انتقاء كلماتنا بعناية – فالمرء مخبوء تحت لسانه..