06 أكتوبر 2025

تسجيل

الدولة التي أكلت نفسها

30 ديسمبر 2020

جزيرة ناورو هي ثالث أصغر دولة في العالم (بعد الفاتيكان وموناكو)، تقع على خط الاستواء بوسط المحيط الهادي. وعلى مدار ملايين السنين كانت الطيور تلقي بمخلفاتها على الجزيرة، والتي تحولت مع مرور الزمن إلى مادة الفوسفات، وهي مادة لها استخدامات صناعية كثيرة منها الأسمدة الزراعية والمنظفات وغيرها. كان أهل الجزيرة يعيشون على الصيد والزراعة في هدوء وعزلة، حتى استعمرها الألمان في بداية القرن العشرين واستخرجوا الفوسفات وبدؤوا بيعه لصالحهم، ثم استعمرها البريطانيون ليكملوا مسيرة الاستفادة من هذا المنجم. استمر الحال حتى حصلت الجزيرة على استقلالها عام ١٩٦٨، فقامت بتأميم شركة استخراج الفوسفات ليستفيد أهل ناورو من ثروة بلادهم، ووصلت عائداتها في ١٩٧٥ إلى ٢٫٥ مليار دولار، بينما عدد سكانها لا يزيد عن ٧ آلاف شخص فقط، لتصبح ناورو من أغنى دول العالم. كانت الحكومة تصرف ثروتها ببذخ شديد في استيراد السيارات الفارهة وبناء المنتجعات الفاخرة، كما أنشأت شركة طيران بطائرات حديثة وبسعة أكبر بكثير من حاجتها، فكان أغلب الرحلات شبه فارغة، وقامت بالعديد من القرارات الاستثمارية الخارجية الخاسرة بسبب القرارات الارتجالية غير المدروسة، أما الشعب فقد تخلى عن طعامه المحلي من الأسماك والفواكه الاستوائية، وتوجه للوجبات السريعة والمستوردة، فأصبح الأول عالمياً في نسبة السمنة. في التسعينيات فوجئت الحكومة بانتهاء الفوسفات، وانتهت معه سنوات الرخاء، بل وحتى لم تعد معظم أراضي الجزيرة صالحة للزراعة بسبب أعمال التنقيب وتجريف التربة، فأصبحت بين ليلة وضحاها من أفقر دول العالم. حالياً أصبحت ناورو تتلقى مساعدات مالية مقابل أن تصبح ملجأ مؤقتا للمهاجرين إلى استراليا. دروس وعبر كثيرة مستفادة من قصة ناورو، ومنها أن الرخاء لا يدوم، والحكيم من استغل فترة الرخاء لأجل المستقبل الغامض. @khalid606