10 ديسمبر 2025
تسجيلكنت قد ابتعدت عن الشأن المصري منذ تفجر حصار قطر في منتصف عام 2017 وابتعدت مقالاتي عما يحدث في هذا البلد الذي يمكن أن يوصف بأنه بلاد العجائب نظراً للتقلبات السياسية السريعة التي وصلت لأن يتواجه رئيس مخلوع قامت ضده ثورة يناير العظيمة فأجبرته حينها على التنحي إجباراً وجهاً لوجه أمام رئيس معزول تم انتخابه بعد هذه الثورة وعرف الناس وقتها طريقاً آمناً لصناديق الانتخابات الديمقراطية لتبدأ معركة هذا الرجل مع إرث من الفساد استمر لأكثر من ثلاثين عاماً من حكم مبارك لم يكتب له الله أن يخوضها فقد عاجله أحد قادة جيشه الذي أقسم يوماً على كتاب الله أن يكون مخلصاً للوطن وللرئيس وللشعب وبات اليوم هو الرئيس غير المؤتمن على هذه البلاد التي لم تعرف فقراً أشد مما تمر به الآن في عصر السيسي الذي نال مليارات المليارات من السعودية والإمارات لكنه لم يعط مما أخذ شيئاً وها هي مصر تغرق أكثر في مشاكلها الاقتصادية ولا يبدو أن الذي رقص أمام لجان انتخابات السيسي سيبدو على نفس الموقف إذا ما أتته فرصة رقص أخرى لاكتشاف مواهبه التي انتهت مع أول موجة غلاء وضرائب أثقلت عاتق المواطن المصري البسيط. بالأمس كان الرئيس المعزول محمد مرسي خلف القضبان التي كان فيها الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك محبوساً داخلها بعدة تهم خرج منها بريئاً وكأن الثورة التي قامت عليه كانت غلطة كلفت من الأرواح ما جعلها أمام القضاء المصري المسيس رخيصة جداً وكان مبارك في هذه الجلسة واقفاً على قدميه بعد شهور قضاها متمدداً على سرير في المستشفى العسكري الذي كان له بمثابة السجن المريح والذي قضى فيه مبارك شهور محاكمته التي انتهت بتبرئته مما نسب إليه وأعقب هذه التبرئة خروج ذراعه الأمني السابق وزير الداخلية حبيب العادلي ثم براءة نجليه وهكذا حتى وصل الأمر لأن يكون مبارك اليوم شاهداً في قضايا رُميت على عاتق مرسي وكأن التهم التي كان مبارك يواجهها قد تم تحويرها وتشكيلها لتناسب مقاس مرسي بحسب حزبه الذي يمثل لدى كثير من فئات الشعب المصري العدو الأول الذي قد يأتي قبل الإسرائيليين أنفسهم ويجد مرسي نفسه متهماً وهو الذي أعقب ثورة يناير رئيساً منتخباً ويغدو مبارك شاهداً وهو المنزوع من حكم مصر بثورة جبارة لم يعد الحديث عنها يروق لمن يتأسف على عهد مبارك أو للذي يرى في عصر مرسي القصير أهون مما يراه في عهد السيسي الذي يتقن على ما يبدو دوره كرئيس يمتص دماء وعرق شعبه لكنه فاشل تماماً في نزع فتيل يكاد يشتعل في مصر وقد ينبئ بثورة أخرى فيما لو استمر الحال هكذا خصوصاً مع مفاجآت السيسي التي لا تنتهي في رفع أسعار وفرض ضرائب والتضييق على المواطن المصري الذي دفع يوماً حياته ودمه وشبابه في ثورة يناير ثم في مجازر رابعة والنهضة والتي ارتكبها عسكر السيسي الانقلابي وأودى بحياة الآلاف رحمهم الله. في هذه القضية والتي تصدر لها مبارك كشاهد بينما جلس مرسي يراقبه وابتسامة سخرية تبدو عليه شامتة بالوضع الذي آل إليه القضاء المصري وقف مبارك متردداً من إدلاء شهادة كاملة خشية الإفصاح عن أسرار قد يضيق بها نظام السيسي ولذا اشترط المخلوع الشاهد أن يوافق السيسي على ما يمكن أن يقوله ويؤثر على مسار هذه المحاكمات التي طالت وامتدت في مرسي وأعوانه ووزرائه وقيادات الإخوان في حزبه فعن من كان يدافع مبارك في شهادته الناقصة ؟! هل كان يحمي نفسه من أن يطوله نظام السيسي باغتيال ينهي حياته المليئة بالأسرار أم أنه كان يقدم ولاءً علنياً للسيسي من أن يتعرض له بسوء وهو الذي يستأذن مثل تلميذ خائب في مدرسة تقع تحت حكم قانون ديكتاتوري لا يرحم؟! ولا يمكن لإنسانة مثلي ناصرت يوماً ثورة الخامس والعشرين من يناير وترحمت على شهداء مصر آنذاك وباركت لها انتخاباتها واستنكرت انقلابها وبكت للدماء المراقة على أرضها أن تشعر الآن بأسف تجاه مبارك الذي يناصر من هو على شاكلته وينتظر إذنا منه ليدلي بشهادة تثبت أن 900 مقاوم من حركة حماس حفروا نفقاً من غزة للأراضي المصرية واستطاعوا المرور لتنفيذ مخططات الإخوان على أرض مصر دون أن تشعر بهم قوات الحدود المصرية وكأن هذه القوات كانت تحرس خرابة لا حدود دولة !.. جرى إيه يا مصر؟!. فاصلة أخيرة: انتهى الدرس لموا الكراريس!. [email protected]